رئيس الجامعة يخطب في مسجد الملك فيصل عن سورة يوسف وما تحتويها من العبر والحكم والدروس

خطب فضيلة رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش بمسجد الملك فيصل يوم الجمعة 2/4/1441هـ الموافق 29/11/2019م.. وذلك عن مضامين سورة يوسف وما تحتويها من العبر والحكم والدروس..

وفي بداية خطبته أوصى فضيلة رئيس الجامعة الحاضرين بتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن وامتثال أوامر الله تعالى، واجتنابنواهيه، حيث من رحمته على عباده أن أنزل عليهم القرآن الكريم هاديًا ومخرجًا لهم من الظلمات إلى النور، الذي خصّه الله وميّزه عن غيره من الكتب السماويّة بأن جعله المعجزة الخالدة التي أنزلها على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام؛ فكان صالحًا لكلِّ زمانٍ ومكانٍ شاملًا لجميع جوانب حياة الإنسان وتعاملاته..

كما بين فيضلته بأن من سور هذا الكتاب المبين سورة يوسف وهي السورة الوحيدة في القرآن الكريم الذي كان محورها الرئيسي قصّة نبي من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.. ولما قصَّ يوسف عليه السلام على أبيه ما رآه في منامه وهو صغير، عرف أبوه أنه سينال منزلة عالية ومكانة عظيمة في الدنيا والآخرة، فأمر بكتمان رؤياه وألاَّ يقصها على إخوته؛ كي لا يحسدوه ويكيدوه بأنواع الحيل والمكر، مبشرًا إياه بأن الله يخصُّه بأنواع اللطف والرحمة، مبشِّرًا إياه بأن الله يخصه بأنواع اللطف والرحمة ويفهمه من معاني الكلام وتفسير المنام ما لا يفهمه غيره، ويتم عليه النعمة بالوحي إليه وعلى آل يعقوب جميعًا بسببه.. ثم تذكر حسد إخوة «يوسف» له على محبة أبيه له ولأخيه الشقيق «بنيامين» أكثر منهم، ثم تذكر تشاورهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها؛ ليخلو لهم وجه أبيهم، وتخلص لهم محبته.. فأخبر الله تعالى أن في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات،أي عبرة ومواعظ وأدلة تدل على قدرة الله وحكمته لكل من سأل عنها، فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر، وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات، ولا بالقصص والبينات.. كما أنه يبين لنا أن الحسد مرض نفسي واجتماعي خطير له آثاره المدمرة، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه نهياً قاطعاً فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)). رواه مسلم .

مضيفاً فضيلته بأن هذه الآيات الكريمات في سورة يوسف تحتوى على فقه تربية الأبناء حيث من الواجب أن يعدّلوا بين الأبناء وعدم التمييز بينهم.. وتنبيه للمسلم على اجتناب مواضع الفتن ومقاومتها ويكون ذلك بالثبات على دينه وألّا يجعل الفتن سببًا لعصيانه لله وفساده.. كما أنها تؤكّد على قضيّة الحسد وما تولّد منه من مشاكل وتفرقة بين الناس..وفيها من التسلية لقلب المؤمن وتبشّره بأنّ بعد الضيق والشدة الفرج، فالنبي يوسف عليه السلام بعدما ألقاه إخوته في البئر وبعدما دخل السجن جعله الله عزيزَ مصر وقائمًا على خزائنها..

كما تؤكّد سورة يوسف ضرورة أن يتوكّل المسلم على الله تعالى وحده وألّا يعتمد على البشر في تسيير أموره، فصاحبا يوسف عليه السلام في السجن لم يغنيا يوسف عليه السلام ولم يستطيعا إخراجه من السّجن وحينما توكّل على الله أخرجه عزيزًا منه وأظهر براءته.. وتنبّه المسلم على ضرورة أن يصبر على المحن والبلاء وأن يعرف أنّ الله قادر على تفريج كربته مع ضرورة أن يبيّن براءته ويتحدّث عن حقه.. ففيها تسلية لقلب المؤمن وتفريج لغمه وهمه وبها يستريح كل محزون من المسلمين..

كما أشار فضيلته في نهايته خطبته بأن الكلمة الطيبة عنوان طيب صاحبها، ودليل مشرق على حسن خلقه وأخلاقه.. فلنزدد علمًا من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الكلمة الطيبة صدقة)) متفق عليه.فالكلمة الطيبة تصنع المجتمعات.. وتؤلف بين القلوب.. وتوحد الصفوف.. وتمسح كل سوء.. وتذكر بكل حسن، وتتغاضى عن العيوب.. ومن ثم يجب استثمارها ونشر الحق عن طريقها عبر الآفاق.. واستخدامها الاستخدام الأمثل.. ((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةًطَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّحِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)). سورة إبراهيم/ 25،24. في أي زمان، وفي أي مكان في أي عصر وفي أي مصر.. إذا ألقيت الكلمة الطيبة قطفت ثمارها اليانعة في كل وقت ومكان.. وأينما ألقيت الكلمة الطيبة أينعت وأنبتت نباتًا طيبًا.. ((تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا))..

ذاكراً فضيلته بأن الإسلام وحده يؤلف وحدةً للمسلمين، وهو وحده الذييجعل منهم أمةً واحدة، وإن جميع الفوارق والمميزات فيما بينهم تذوب،وتضمحل ضمن نطاق هذه الوحدة الشاملة، وتذوب عصبيات الجاهلية،فلا حمية إلا للإسلام، وتسقط الفوارق، فوراق النسب واللون، فلا يتأخرأحد، أو يتقدم، إلا بطاعة الله وتقواه.. والإسلام عامل وحدة، وإن متانةالمسلمين تجعلهم قوة تهاب، لا يرضى أحدهم بخذلان أخيه، ولا تقرّعينه بما يؤذيه، بل لا يرضى له إلا ما يرضاه لنفسه، وذلك هو المقصودمن تشبيه العلاقة بين المسلمين بعلاقة أعضاء الجسد الواحد بعضهامن بعض.. فلنكن موحدين لا متفرقين..

وفي نهاية خطبته دعا فضيلته للإسلام والمسلمين بالنصر والتمكين والعزة في كل مكان