معالي رئيس الجامعة يفتتح المؤتمر الدولي بعنوان: التحديات الاجتماعية وحلولها في علم الاجتماع، المقام بالجامعة

   افتتح معالي الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد مؤتمراً دولياً بعنوان: (التحديات الاجتماعية وحلولها في علم الاجتماع) والذي ينظمه قسم الاجتماع بكلية العلوم الاجتماعية بالتعاون مع معهد إقبال الدولي للبحوث والحوار بالجامعة وذلك يوم الثلاثاء الموافق 10/إبريل/2018م بقاعة القائد الأعظم بمسجد الملك فيصل . .

وقد حضر الحفل كل من السيناتور/ مشاهد حسين، والدكتورة/ ثمينة ملك عميدة كلية العلوم الاجتماعية، ومدير عام معهد إقبال الدكتور/ حسن الأمين، ونواب الرئيس وعدد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والطالبات . .

ثم ألقى الدكتور/ حسن الأمين المدير التنفيذي لمعهد إقبال الدولي للبحوث والحوار كلمة بهذه المناسبة شكر فيها ضيف الشرف معالي السيناتور/ مشاهد حسين على تشريفه لهذا الحفل رغم مشاغله المتعددة في البرلمان الباكستاني، كما شكر معالي الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد على حضوره وافتتاحه لهذا المؤتمر. . مؤكداً أهمية الموضوع الذي سيتناوله هذا المؤتمر والحاجة الماسة إليه في المجتمعات الإسلامية المعاصرة . .

كما ألقيت كلمة الضيوف المشاركين في المؤتمر ألقت نيابة عنهم رئيسة قسم الاجتماع بجامعة بيشاور أكدت فيها على أهمية هذا المؤتمر، وأن المجتمع الباكستاني يعاني من بعض التحديات الاجتماعية التي نراها ونشاهدها من خلال وسائل الإعلام الباكستانية، ونحن الآن بأمس الحاجة إلى دراستها وأسباب حدوثها وعلاجها مؤكدة بأن هذا المؤتمر سيقدم عدداً من التوصيات لمعالجة هذه التحديات . .

ثم ألقى معالي رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش كلمة بهذه المناسبة شكر فيها جميع الإخوة الحضور وعلى رأسهم السيناتور/ مشاهد حسين على حضوره وتشريفه هذا المؤتمر الدولي، كما شكر معاليه الدكتورة/ ثمينة ملك عميدة كلية العلوم الاجتماعية على حسن تنظيمها وترتيبها لهذا المؤتمر، وجميع القائمين والمنظمين لهذه المناسبة من المسؤولين والإداريين بالجامعة. .

ثم أشاد معاليه في كلمته بموضوع هذا المؤتمر وأهمية إقامته في هذه الظروف الراهنة التي تمرّ بها المجتمعات الإسلامية مشيراً معاليه إلى أن التحديات التي نواجهها في المجتمعات المعاصرة كثيرة وكبيرة جداً ولا يمكن لأي مجتمع أن يرتقي ويتقدم ويصبح مجتمعاً حضارياَ آمناً مستقراً إلا إذا توفرت مقوماته الأساسية والمتمثلة في أمور أربعة هي:

  1. دين صحيح . .
  2. ثـقافة راقية . .
  3. مواطنة صالحة . .
  4. إعلام هادف . .

فإذا ما توفرت هذه المقومات أصبح المجتمع آمناً مطمئناً راقياً متقدماً حضارياً. . والعكس بالعكس. . فإذا ما اختلّت هذه المقومات، أو فقدت أو أحدها . . اختل توازن المجتمع وتأخر عن اللحاق بركب الاستقرار والمدنية والحضارة . .

ولنا أسوة في المجتمع النبوي، الذي نشأ ونبت ونمى في عصر النبوة، بتوجيه وتربية وتعليم من خير البشرية، ونبي الثقلين، ومعلم الناس الخير، نبينا محمد ــ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ــ، حينما أنشأ هذا المجتمع ورباه في المدينة المنورة بعد هجرته المباركة إليها . . ولقيت هذه التوجيهات النبوية الكريمة، والتربية الإلهية المحمدية السامية قبول أفراد هذا المجتمع رجالاً ونساءً . . شيباً وشباباً. . إلا من أضله الله على علم وبينة ــ عياذاً بالله ــ . .

فكان هذا المجتمع قدوة في ديانته وأمانته وتمسكه بالوحيين الكريمين (كتاب الله، وسنة رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ ) قولاً وعملاً ومعتقداً . . وانعكس هذا على ثقافته حيث أقبل الناس أفواجاً على العمل الصالح والعلم النافع والتعليم بنهمٍ وصدقٍ وإخلاصٍ . . ممتثلاً أوامر الله وأوامر رسوله ــ عليه الصلاة والسلام ــ مستشعراً أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة . . كما في حديث  أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ :عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنه قالَ : (طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ ) . . وأن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب . . كما جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالحِيتَانُ فِي جَوْفِ المَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ). .

 وأنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون . . قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} . . وأن الله تعالى أعلى من شأن العلم والعلماء وكرّمهم . .قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} . .

هذا العلم الشرعي الصحيح من هذا الدين الحق الذي شعَّ نوره بشارة ونذارة . . ورحمة ومحبة وأخوة وتعاوناً. . وسمواً وعلوّاً ومكانة . . ويسراً وسماحة وعفواً. . وأمناً واطمئناناً واستقراراً . . انعكست آثاره الإيجابية على أخلاق وتعاملات أتباعه . . فحسنت أخلاقهم، ورقت صفاتهم؛ وتهذبت آدابهم . . وأجادوا وأفادوا في دعوتهم . . وملؤوا الدنيا عدلاً وقسطاً وإنصافاً وخيراً ووسطية واعتدالاً، ونهضة ونماءً وجودة واتقاناً . . ونصحاً وتوعية وإرشاداً إلى الخير وسلوك طريق الاستقامة والهداية . .

وأصبحوا قدوة صالحة في معتقدهم وديانتهم وأمانتهم ونصحهم وإرشادهم وإصلاحهم . . لا يقولون ما لا يفعلون . . ولا يأمرون بشيء ويخالفونه . . أو ينهون عن شيء ويرتكبوه أو يفعلوه . . ليس مجتمع هياطٍ وصخبٍ وغيبةٍ ونميمةٍ وحقدٍ وحسدٍ . . وتنابز بالألقاب . . يحكمه الهوى والمصالح الخاصة، وإيذاء الغير وعبث وسائل التواصل الاجتماعي . . إن أُعطي رضي . . وإن لم يعط سخط وحقد وحسد وكال التهم والدعاوى الباطلة ضد الخصم أو المخالف . .

لا يتخذ من أساليب المكر والخديعة والنفاق وإثارة الفتنة منهجاً وأسلوباً له . . ويدعي أن هذا ثقافة. . ؟ أي ثقافة هذه . . والأدهى والأَمَر أن تنسب هذه الثقافة لمجتمع بأسره جل أفراده ذكوراً وإناثاً يرفضون هذه السلوكيات وإن شئت قل: هذه الثقافة المزعومة . .

ذلك أن الثقافة المنشودة والراقية: هي ما تأسست على الدين الحق، وهذبت الأخلاق والصفات . . وارتقت بصاحبها نحو السمو والكمال . .

الثقافة الراقية: فَنّ وعلم . . وأن يقطف صاحبها من كل بستان زهرة ووردة . . لا شوكاً وحنظلاً أو صَــبِراً . .

الثقافة الراقية: هي ما ترتقي بالمجتمع وتنهض به وتدفعه نحو الأمام قوة وجودة ومتانة وصلابة وعزيمة ..

الثقافة الراقية: قوة ناعمة تسعى لنبذ الغلو والتشدد والتطرف والإرهاب والإفساد والاعتداء والإيذاء والقتل والتدمير . .

الثقافة الراقية: دعوة إلى التعايش السلمي ونشر ثقافة السلام بين الشعوب والمجتمعات داخلياً وخارجياً . .

الثقافة الراقية: أخذ بمبدأ الحوار البناء الهادف، واحترام للآخر، ولإنسانيته كإنسان . . فضلاً عن إسلامه إذا كان مسلماً أو مواطناً صالحاً . .

الثقافية الراقية: إيمان بحرية التفكير، وأدب الخلاف بضوابطه وأسسه . .

وأخيراً الثقافة الراقية: أن يحب كل فرد لأخيه ما يحب لنفسه مصداقاً لقوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) . . وأن يكون مثل ما هو عليه من خير وصحة وسعادة وسعة رزق وعافية وبركة في المال والولد . .

فإذا ما تحققت هذه الصفات أو جلها أو أكثرها ارتقى المجتمع وكان أفراده مواطنين صالحين . . يعمرون الأرض بالخير والنماء والصلاح والإصلاح والفلاح والسعادة والإسعاد . .

يأمرون بالمعروف بمعروف، ينهون عن المنكر بمعروف . .

جنود أشاوس في حماية أوطانهم، والذود عنها . . والالتفاف حول وطنهم وولاته..

يبنون ولا يهدمون . . يعطون ولا يحرمون . .

تجمعهم المواطنة وحب الوطن وصدق الانتماء إليه . . وإن اختلفت الطوائف والمذاهب والأقاليم.. بل وحتى الديانات . . ذلك أن انتماءهم لوطنهم وحبهم له، لا يمنع من حبهم وولائهم لدينهم وأمتهم ومجتمعهم المسلم . .

فالحب دوائر متراكبة لكل دائرة خصوصيتها وظروفها . . فمن لا يحب وطنه فلا يستحق أن يعيش فيه . .

يعضد هذا كله ويؤصله وينميه ويدفعه إلى العلو والرفعة والخير والفلاح والاستقامة والصلاح . . إعلام هادف ملتزم بأخلاقيات المهنة، وتحري الصدق والنزاهة والحياد والعدالة في نشر الخبر، والتحقيق الصحفي . . وبُعد عن الإثارة والإرجاف، وكشف المستور، والبحث عن العيوب . .

واعتقد جازماً أن هذه المقومات ــ بحمد الله ــ متوفرة في مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية وبخاصة في هذه الدولة التي نعيش فوق أرضها، جمهورية باكستان الإسلامية، بلد الطهر والنقاء والنماء، والرجال الأكفاء، والخيرات والثروات المتنوعة . .

وما علينا إلا أن نعي ما ذكرناه، ونسعى إلى تحقيقه وتطبيقه حتى يسمو مجتمعنا ويتقدم وينمو وينهض، ويعمه الأمن والرخاء ورغد العيش ويتفيأ الجميع في ربوعه بظلال الأمن والأمان والاستقرار، ويشع في أرجائه نور الهداية والعلم النافع . . ويغدو في مقدمة الدول الإسلامية والعالمية علمياً وتطبيقياً وتقنياً . . جامعاً في حضارته بين الأصالة والمعاصرة . . متجنباً كل ما يخلُّ بأمنه وسلامته من غلو وتشدد وتطرف وإرهاب وإفساد وقتل وتدمير . . ساعياً إلى الوحدة والائتلاف . . ونبذ الفرقة والخلاف . .

بعد ذلك ألقى معالي السيناتور السيد/ مشاهد حسين كلمة بهذه المناسبة شكر فيها جميع القائمين على تنظيم هذا المؤتمر من المسؤولين واللجان العلمية في الجامعة وعلى رأسهم معالي الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد على اهتمامه بعقد مثل هذه المناسبات واختياره للموضوعات المعاصرة التي تعالج واقع المجتمعات الإسلامية. .

مؤكداً معاليه بأن الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش شخصية إسلامية عالمية زاد عدد مؤلفاته أكثر من (70) مؤلفاً وله خبرة واسعة في مجال خدمة العلوم الشرعية والقضايا الإسلامية المعاصرة ونفتخر دائماً بوجوده في باكستان ورئاسته لهذه الجامعة العريقة . .

مضيفاً معاليه بأن المملكة العربية السعودية قلب العالم الإسلامي ومأوى أفئدة المسلمين، والتي قدمت المساعدات المالية والمعنوية إلى دولة باكستان في جميع الظروف والتحديات التي مرت بها منذ تأسيسها وحتى الآن . . وأبرز مثال على ذلك زيارة جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ إلى باكستان وافتتاحه للقمة الإسلامية في لاهور . .

وفي نهاية الحفل قدم معالي رئيس الجامعة دروعاً تذكارية لجميع المشاركين في المؤتمر من الباحثين والمنظمين . . كما قدم معاليه درعاً تذكارياً لمعالي السيناتور/ مشاهد حسين . .

وبعد التقاط صورة جماعية توجه الجميع إلى دار ضيافة الجامعة لتناول الغداء المعد بهذه المناسبة . .