رئيس الجامعة في زيارة علمية للجامعة الأشرفية في لاهور

  بناءً على الدعوة الكريمة التي تلقاها معالي رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش من لدن أخيه فضيلة الشيخ الدكتور/ الحافظ فضل الرحيم رئيس الجامعة الأشرفية في لاهور ورئيس هيئة كبار علماء بنجاب وعضو مجلس الفكر الإسلامي لزيارة الجامعة الأشرفية والالتقاء بطلابها لاسيما طلاب المراحل العليا . . فضلاً عن تفعيل مذكرة التفاهم والتعاون المبرمة بين الجامعتين الإسلاميتين ذات الأصالة والعراقة والقوة والمتانة وبخاصة في الدراسات الشرعية القرآنية والحديثية والفقهية وغيرها من علوم الشريعة والتي تتضمن تبادل الزيارات التشاورية الداعمة للعمل العلمي والشرعي وإقامة الدورات التدريبية للأساتذة والطلاب في المجالات المشار إليها وتسهيل أمور قبول الطلبة من خريجي الجامعة الأشرفية في مرحلة الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد وغيرها من مثيلاتها من الجامعات الإسلامية السعودية . .

بناءً على هذا وغيره أجاب معاليه الدعوة الكريمة وقام بهذه الزيارة الأخوية والعلمية لهذه الجامعة والتي تعد امتداداً لزيارات ولقاءات سابقة بين كل من البروفيسور الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش وفضيلة الشيخ الدكتور/ الحافظ فضل الرحيم رئيس الجامعة الأشرفية التي  أثمرت بحمد الله فائدة واستفادة واستزادة لمنسوبي الجامعتين لاسيما الجامعة الأشرفية . .

وقد حدد معالي البروفيسور الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش لمحاضرته عنواناً مهماً من حيث الزمان والمكان والموضوع ألا وهو: (صفات طالب العلم وما ينبغي أن يتحلى به ومسؤوليته تجاه دينه ووطنه وولاته) . .

وقد كان في استقبال معاليه فضيلة الشيخ/ فضل الرحيم رئيس الجامعة الأشرفية وعدد من مسؤولي الجامعة وأساتذتها ومدراء الإدارات فيها . .

بعد ذلك توجه فضيلته إلى القاعة الكبرى لإلقاء محاضرته العلمية على طلاب المراحل العليا للجامعة والذين يزيد عددهم على (500) طالب وبخاصة في مجال دراسات السنة النبوية والحديث الشريف بالجامعة والذين يشرفون بانتماءاتهم إليها من مختلف المدن والأقاليم لثقتهم بها والأساتذة فيها . .

وقد بدأت المحاضرة بآيات من الذكر الحكيم تلاها أحد طلاب الجامعة تلا ذلك كلمة ترحيبية ألقى فضيلة الشيخ/ فضل الرحيم بمعالي الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد حيث أشار فيها إلى سعادته وإخوانه من منسوبي هذه الجامعة لهذه الزيارة وهذا اللقاء الطيب المبارك في هذه الجامعة الطيبة المباركة . . مقدراً لمعاليه استجابته لدعوته لزيارة الجامعة والالتقاء بأساتذتها وطلابها رغم مشاغل معاليه الكبيرة وارتباطاته الكثيرة وأعماله المختلفة والمتنوعة داخل الجامعة وخارجها بل وزياراته لبعض الدول العربية والإسلامية والعالمية من أجل إيصال رسالة تلك الجامعة الإسلامية العريقة إلى المسلمين بل إرسال رسالة جمهورية باكستان الإسلامية من خلال هذه الجامعة إلى العالم الإسلامي وبلاد الأقليات والدول الصديقة من خلال عمله العلمي التوعوي الدؤوب وسعة علمه وثقافته وبعد نظره وحكمته ورؤيته الثاقبة وحبه لدينه ووطنه وولاة أمره وأمته ولهذا الوطن الطيب المعطاء جمهورية باكستان الإسلامية ولشعبها الوفي الكريم . . كل ذلك وفق منهج وسطي معتدل متزن وحكمة بالغة وامتثال لأحكام وتعاليم الدين الحنيف المستقيم وحرص على جمع الكلمة ووحدة الصف ونبذ الفرقة والخلاف واحترام للآخرين وشكرهم وإعطاء كل ذي حق حقه بتوازن واعتدال واحترام . . وأردف فضيلته قائلاً بتأثر وتأثير بالغ من السامعين والحاضرين . .  . (إن من عظيم سعادتنا ومن حسن حظنا أن نجد اليوم فيما بيننا شخصية علمية فذة تحبنا أكثر مما نحبها ألا وهي شخصية سعادة الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد ــ سلمه الله تعالى وجعله ذخراً للإسلام والمسلمين ــ . . ثم يجب علي أن أقدم له أخلص آيات الشكر والتقدير على ما قام به من تحمل عناء السفر من إسلام آباد إلى لاهور خاصة في هذا الوقت إذ السماء ملبدة من الضباب الكثيف والدخان المزعج، ومنحنا هذا المتسع من الوقت من أوقاته الغالية . . فجزاه الله خيرا في الداريه . . ) . . أ. هـ. .

بعد ذلك قام أحد الطلاب بإلقاء كلمة ترحيبية أصالة عن نفسه ونيابة عن إخوانه وزملائه من الطلاب الحاضرين قدم فيها الشكر والتقدير والمحبة والعرفان لمعاليه . . داعياً إخوانه من الطلاب الحاضرين إلى الاستفادة والإنصات إلى ما يلقيه هذا العالم الجليل . .

ثم بدأ المحاضر معالي الشيخ الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش محاضرته مستهلا إياها بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ . . ثم الشكر والتقدير لفضيلة الشيخ الدكتور/ الحافظ فضل الرحيم رئيس الجامعة الأشرفية على هذه الدعوة الكريمة وعلى كلماته المؤثرة والتي ولا شك هي إحسان ظن من أخ بأخيه . . سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يكون عند حسن ظنه وكل من ظن به خيراً، وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل والمعتقد . . مكرراً الشكر والتقدير والترحيب بإخوانه وزملائه من مسؤولي وأساتذة هذه الجامعة العريقة وبأبنائه الطلاب من الحاضرين وغيرهم من منسوبي هذه الجامعة ممن لم يحضروا هذا اللقاء مشيداً فضيلة الشيخ الدكتور الدريويش بهذه الجامعة وعراقتها وخدمتها لكتاب الله وسنة رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بوسطية واعتدال وفقاً لمنهج الكتاب والسنة. .

ثم تحدث معاليه عن الأدلة من الكتاب والسنة التي تدل على فضل العلم وشرف أهله ورفعتهم ومكانتهم والتي منها:

من كتاب الله:

قال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط}. [سورة آل عمران: 18].

وقال تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء} [ سورة فاطر : 28 ]

وقال تعالى : { قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون } [ سورة الزمر : 9 ]

وقال تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات }

[ سورة المجادلة : 11 ].

وقال تعالى : { وقل رب زدني علما} [ سورة طه : 114 ]

ومن السنة ما ورد في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ».

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر». أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي . .

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال : ضمّني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : « اللهم فقّهه في الدين ». .

حيث يستفاد من هذه الآيات والأحاديث فوائد كثيرة تدل على فضل العلم والعلماء من أولاها ما يلي:

1ـ أن الله تعالى وصف أهل العلم بالخشية له، فقال تعالى (انما يخشى الله من عباده العلماء). فالعلم يورث خشية الله تعالى .

2- أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة منه ،فقال تعالى (وقل ربي زدني علما). قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى- عن هذه الآية: إنها واضحة الدلالة على فضل العلم ؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء الا من العلم) فتح الباري أول كتاب العلم.

3- أن العلم سبب للرفعة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى ( يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). والمعنى أن الله تعالى يرفع المؤمن على غيره، من المؤمنين..

4- أنه علامة على إرادة الله تعالى الخير للعبد . عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) متفق عليه..

ثم أردف معاليه مخاطباً أبناءه الطلاب وحاثاً إياهم على الالتزام ببعض الوصايا والأهداف والأخلاق التي لا بد لطالب العلم أن يتحلى بها وأن يتأدب بها حتى يكون علمه نافعاً وعمله صالحاً بإذن الله تعالى ومن أهمها:

1/ تقوى الله جل وعلا في السر والعلن، والاهتمام بهذا الدين الذي رضيه الله جل وعلا لعباده وأكرمهم به ولا يقبل من أحد ديناً سواه، رضي لنا سبحانه الإسلام دينا وجعل أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر تقيم العدل وتدعو إلى الله وتنشر دعوة الإسلام لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وإن أولى ما ينبغي أن يهتم به كل مسلم أن يراقب الله جل وعلا.. وأنه لا نجاة لهم من هموم الدنيا ومشاكلها وبلاياها وفتنها إلا بالاعتصام بالله وحسن التوكل عليه والإيقان والإيمان أنه جل وعلا يرى منا كل عمل ولا يغيبه عنه سبحانه وتعالى أي شيء منا وأنه سواء لديه من استخفى منا ومن أعلن أحاط عمله بكل شيء.. فينبغي لطالب العلم إذا خلا بنفسه أن يفكر في مستقبله في الدنيا وفي الآخرة ويفكر في علاقته بأهله وذويه ويفكر في من يتعلم معهم أو يتعلم على يديهم أو من يعلمهم ثم يحرص على أن يصطحب معه في التعامل كلها التقوى فإنه من يتقي الله يجعل له من كل هم فرجا.. وأن يحرص طالب العلم على العزيمة والصدق في مراقبة الله..

2/ المحافظة على الوقت واستغلاله بما ينفع ويفيد والبعد عن تضييعه أو شيء منه : ومن هنا نجد أن الإسلام اهتم بالوقت أيما اهتمام ولسنا ندل على ذلك بأن الله قد أقسم به في آيات كثيرة فقال الله تعالى ( والعصر إن الإنسان لفي خسر )، وقال تعالى (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى )، كما قال الله تعالى ( والفجر وليال عشر ) وغيرها من الآيات التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله وما يصلح حال البلاد والعباد ويعود بالخير والنفع على الفرد والشخص دنياً وآخرة..  وتنظيم الوقت وحسن الاستفادة منه بإدراك أهمية الوقت وأنه هو الحياة، وإدراك أن التنظيم أمر لابد منه للنجاح،  وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك: فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ؟ “، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ..

وورد عن عمر بن عبد العزيز ــ رحمه الله تعالى ــ قوله: (إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما) . .

وقال الحسن البصري ــ رحمه الله ــ : (يا ابن آدم إنما أنت أيام؛ فإذا ذهب يوم ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب بعضك أن يذهب كلك)..

وورد عن الإمام الشافعي ــ رحمه الله ــ قوله : (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) . .

3/ لزوم الاعتدال والوسطية والاستقامة والاتزان . . ونبذ الغلو والإفراط والتفريط والتشدد والإرهاب والإفساد وكل ما ينتج عن ذلك من قتل الأنفس المعصومة أو تدمير الممتلكات وإهلاك الحرث والنسل والإفساد في الأرض . . فلا بد من نبذ ذلك كله وتركه واجتنابه وابتعاد عنه قولاً وعملاً . . والرجوع للعلماء الربانيين ولأهل العمل وحملته المخلصين الصادقين الناصحين وبخاصة في الأمور المصيرية للأمة والحوادث والوقائع والمستجدات وفيما يشكل عليك، ومراعاة أدب الخلاف وقبول الرأي المخالف في المسائل الاجتهادية يقول العلماء: لا إنكار في المسائل الاجتهادية، واجعل قاعدة: ( رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) نصب عينيك، ولا تغتر بما حصلته من العلم القليل مهما قرأت من الكتب وحصلت من الشهادات والمؤهلات فلا يحيط بعلم الله إلا هو سبحانه، واعترف لأهل الفضل فضلهم واتهم نفسك بالقصور والجهل.

4/ حسن الصمت والوقار والتواضع والسكينة

قال عمر تعلموا العلم وتعلموا له السكنية والوقار . . وقال مالك حق على طالب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية . . وقال سعيد بن عامر: كنا عند هشام الدستوائي، فضحك منا رجل فقال له هشام: تضحك وأنت تطلب الحديث.

إذ كان ذكر الله سبحانه في كل حال لأن الذكر هو باب الفتح الأعظم وسبيل الوصول الأقوم . . قال ــ صلى الله عليه وسلم ــ : “مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره مثل الحي والميت”.

وقال الشيخ الإمام ابن تيمية: “إن في الدنيا جنة من لم يدخلها، لا يدخل جنة الآخرة”. قالوا: وما هي؟ قال: إنها جنة الإيمان”. إن المؤمنَ يعيش في جنة حقيقية بإيمانه بالله تعالى ورضاه عن قضائه في كل ما قدّره عليه، فيجد السَّكينة والطمأنينة مهما أصابه من البأساء والضراء، فلا يحزن ولا يجزع لأنه يعلم أنه لا راحة له إلا مع أول قدم يضعها في الجنة.

5/ الاستفادة القصوى من علوم العصر والتقنية الحديثة والاستفادة مما توفره من تسهيلات وخدمات تقرب كثيرا مما كان صعب المنال من كتب ودروس علمية تتمكن من الوصول إليها وأنت في قريتك في أي مكان كانت في العالم وفي وقت يسير، وعدم الاغترار بالصحة والفراغ وفترة الشباب، والحرص على اغتنام أوقات الفراغ قبل الانشغال، والاستفادة من وقت الصحة قبل المرض، والشباب قبل الكبر، وإلا ستندم عن كل دقيقة ذهبت لم تستغلها فيما ينفعك في دنياك أو أخراك، والإيجابية والنظر إلى الأمور بروح متفائلة راضية عالية وطموحة ترنو إلى معالي الأمور وإلى ما فيه الخير لعامة خلق الله تفعل ما تفعل، وتترك ما تترك لنيل رضا الله لا لغرض أو مصلحة دنيوية أخرى، مال أو جاه أو غير ذلك قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا…} [ طه: 131].

6/ التحلي بأخلاق الإسلام في التعامل مع الآخرين :– على طالب العلم أن يتحلى بأخلاق الإسلام في تعاملاته مع الغير ولذلك فإن الطالب المسلم عليه ان يكون حريصا على أخلاق الإسلام سواء مع مدرسه أو زملائه في المدرسة أو المعهد أو الجامعة أو مع غيرهما ..

7/ إخلاص النيّة لله تعالى: وهي من أهم الصفات التي يجب أن يتحلّى بها طالب العلم، فيجعل همّه في طلبه العلمَ إرضاء الله عزّ وجل والوصول في تأدية هذه الفريضة الجليلة، ولا يطلب سمعةً أو مديحاً من الناس. الإخلاص لله – تعالى – وذلك بأن يبتغي بعلمه وجه الله والدار الآخرة، لا أن يبتغي به الرياء، أو السمعة، أو عرضا من الدنيا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا؛ لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة”. وعلى طالب العلم أن يقرن الإخلاص بتقوى الله ومراقبته، “واتقوا الله ويعلمكم الله” (سورة البقرة، الآية: 282(. فيحاول طاعة ربّه في جميع أحواله، ويبتعد عن كلّ ما يغضبه من الأعمال السيّئة والمعاصي وإيذاء الناس..

8/ علو الهمة: فيكون دوماً شعلةً وقّادةً، يسعى إلى تحصيل كل ما يستطيع من الفوائد والمعرفة، والمعروف أن النفس تفتر وتتعب وتشعر بالملل، فليستعِنْ حينها بالله وليجاهد نفسه ليستمرّ نشيطاً في طلب العلم والمذاكرة مع إخوانه..

9/ العمل بالعلم: ما فائدة العلم في القلب والعقل إن لم يزينه العمل والتطبيق؟! فيجب على طالب العمل أن يسعى لتطبيق كلّ ما يتعلّمه ليصل إلى رضا الله، ويكون بذلك قدوةً لغيره. العمل بالعلم هو ثمرة العلم ، وقد مدح الله في كتابه العاملين بما علموا فقال {بَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } . . وذم الذين لا ينتفعون بما يحملونه من علم وشبههم بالحمار الذي يحمل أسفارا ولا يعرف قيمتها فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} . . ومن عمل بلا علم فقد أشبه النصارى ، وهم الضالون المذكورون في سورة الفاتحة..

10/ الأدب والاحترام مع الشيخ أو المعلّم: فيتأدّب في حضرته ويحترمه ويجلّه ويطيعه، ويصبر على أذاه وجفوته وغلظته، ويدافع عنه في غيبته؛ لأن العلم لا يؤخذ ابتداءً من الكتب ، بل لا بد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب ، لتأمن من الزلل ، فعليك إذاً بالأدب معه، فإن ذلك عنوان الفلاح والنجاح ، والتحصيل والتوفيق . فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف ، فخذ بمجامع الأدب مع شيخك في جلوسك معه ، والتحدث إليه ، وحسن السؤال ، والاستماع ، وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ، وترك التطاول والمماراة أمامه ، وعدم التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده ، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك ، أو الإلحاح عليه في جواب ، متجنباً الإكثار من السؤال لا سيما مع شهود الملأ ؛ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل ، ولا تناديه باسمه مجرداً ، أو مع لقبه بل قل : ” يا شيخي ، أو يا شيخنا “.

ولنا في رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ وصحابته أسوة وقدة . . حيث أدب الله الصحابة مع الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ فقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}.

وهذا موسى يعرض على خضر ويطلب منه في دب جم أن يتفضل عليه بأن يتعلم منه أو يأخذ عنه هذا العلم كما قال تعالى:

وقال ابن المبارك تعلمت الأدب ثلاثين سنة وتعلمت العلم عشرين سنة. .

وعليه رد الشاعر:

إن المعلم و الطبيب كلاهما .. لا ينصحان اذا هما لم يكرما

فاصبر لدائك ان اهنت طبيبا .. و اصبر لجهلك لو جفوت معلما

11/ أهمية حسن الخلق: روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم”.

وقال صلى الله عليه وسلم : إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاق” . . رواه الترمذي في جامعه.

ورى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق”.

فما علامة الخلق؟ إن حسن الخلق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين بها تعال الدرجات، وترفع المقامات حتى إن الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القام ــ كما تقدم في الحديث ــ ويكون أقرب الناس مجلساً يوم القيامة من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد عدّ النبي صلى الله عليه وسلم حسن الخلق من كمال الإيمان فقال عليه الصلاة والسلام : “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقا”. . رواه أحمد وأبو داود.

ولسائل أن يسأل ما علامة حسن الخلق؟ فنقول أن يكون الإنسان كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، قليل الزلل، قليل الفضول، براً وصولاً، وقوراً، شكوراً، راضياً، حليماً، رفيقاً، عفيفاً، شفيقاً، لا لعاناً، ولا سباباً، ولا نماماً، ولا مغتاباً، ولا عجولاً، ولا حقوداً، ولا حسوداً، بشاشاً، هشاشاً، يحب في الله، ويرضي في الله، ويغضب في الله.

هذا وإن الأخلاق أحد الأصول الأربعة التي يقوم عليها دين الإسلام وهي: الإيمان، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات.

وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم “البر” في حسن الخلق، فلما سئل عن البر قال “البر حسن الخلق”.

وحسن الخلق أكثر ما يدخل الناس الجنة، كما في حديث أبي هريرة عند الترمذي قال: “سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق”. . قال الترمذي حسن صحيح.

قالت أم الدرداء: قام أبو الدرداء ليلة يصلي؛ فجعل يبكي فيقول: اللهم حسنت خلقي فحسن خلقي، حتى أصبح . فقلت يا أبا الدرداء: ما كان دعائك منذ الليلة إلا في حسن الخلق! فقال يا أم الدرداء: إن العبد المسلم يُحسن خلقه حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسيء خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار”.

وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق”. .

وقال الجنيد: أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن قل علمه وعمله: “الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق”.

وقد ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخوله الجنة كما في سنن أبي داود هو: عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه .

ثم إن الأخلاق الحسنة ليست خاصة بالإنسان بل تتعدى مع الحيوان وحتى البيئة، وكذلك في جميع مجالات الحياة.

فمثلاً من الأخلاق مع الحيوانات: ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض” رواه الشيخان.

ومن الأخلاق في المحافظة على البيئة: قول صلى الله عليه وسلم: “إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل” . رواه أحمد.

أما حسن الخلق مع الأسرة: فقد ورد قوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ : “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” .

كان عليه السلام يقوم بأعمال المنزل ويساعد أهله، تقول عائشة رضي الله عنها: كان يكون في مهنة أهله، كان يمازح أهله ويلاعبهم” كما في حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم سابقها في سفره.

أما الأخلاق في التجارة: فقال صلى الله عليه وسلم: “رحم الله رجلاً كان سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى” . . رواه البخاري.

ومن الأحاديث الواردة في أخلاق الصناعة: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” رواه البيهقي وأبو يعلي.

هكذا فإن المؤمن مطلوب منه الأخلاق في جميع شؤونه حتى في الحرب. والحديث عن الأخلاق في الإسلام يطول.

12/ التواضع: يجب على طالب العلم أن يتعامل مع الناس على أنه واحد منهم ولا يتعالى عليهم ويرى نفسه أعلى منهم قدراً.. لا سيما في مجالس العلماء، وذلك أن العالم هو الذي يتواضع لمن يعلمه، وقد ورد في الأثر : “لا يتعلم العلمَ مستحي ولا مستكبر” . فالذي يتكبر ولا يتواضع لمن هو أصغر منه لا يوفق للعلم كما إذا رأى عالما أصغر منه سنا يقول كيف أتعلم من هذا الطفل ؟ أو من هذا الصغير الذي أنا أكبر منه ؟ نقول: إن الله تعالى شرفه وفضله بالعلم فعليك أن تصغر نفسك وتتواضع وتأخذ العلم ممن هو معه ، ولو كنت أشرف وأغنى وأكبر وأرقى فإن العلم يؤخذ من منابعه ومن أهله..

13/ الصبر: فطريق العلم ليست سهلة، وسيتعرض الطالب فيها إلى الكثير من المشاقِ والصعوبات، ولا بدّ أن يصبر ويجاهد ويستعين بالله لإكمال هذه الرحلة ونيل هذا الشرف، فلا سبيل إلى طلب العلم إلا بالصبر ، فالصبر يضئ لطالب العلم طريقه ، وهو زاد لا يستغني عنه ، وخلق كريم لا بد وأن يتحلى به ، صبره على مشقة الترحال إلى الشيوخ وطول المكث عندهم والتأدب معهم ، وصبره على المذاكرة والتحصيل ، وفي قصة موسى والخضر دار هذا الحوار بين نبي الله موسى وبين الخضر عليهما السلام قال تعالى في سورة الكهف ( قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا {66} قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا {67} وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا {68} قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا {69}.

14/ الدعوة إلى الله: فيعمل على نشر ما تعلّمه لغيره وإفادتهم به، ويدعو إلى الله تعالى لعله يكون سبباً في هداية الخلق، فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً”.

15/ خدمة أمته ووطنه وولاة أمره ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم: أما ما يتعلق بخدمة الوطن والأمة والمجتمع فقد تحدث المحاضر ــ حفظه الله ــ قائلاً: “إن من الواجب على طالب العلم أن يكون دائماً على وعي وإدراك بحاجات وطنه ومتطلباته ومجتمعه وقضايا أمته وأن يخدم مجتمعه ووطنه وأمته بالمجال الذي يحسنه ويتقنه، وهذا من العمل بالعلم ــ كما تقدم ــ .. فالطلاب عليهم واجبات تتعلق بدينهم وبالاستقامة عليه كما شرع الله وكما أمرهم الله فإن الله خلقهم ليعبدوه وأرسل الرسل بذلك قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)).. وعليهم واجبات تتعلق بوطنهم ومجتمعهم ومن أهمها: يجب عليهم أن يحافظوا على سمعة وطنهم في الداخل والخارج، والدفاع عن الوطن والتضحية في سبيله، ومحاربة الإشاعات المغرضة والمرجفة التي يسمعونها ويقرؤونها بأي طريقة أو وسيلة كانت . . والتي تهدف إلى النيل من الوطن وولاته والانتقاص من قدراته وإمكاناته أو تزرع بذور الفتنة بين أبنائه أو تولد الشقاق والنزاع بينهم أو تغذي الطائفية أو تأصيل المذهبية أو نشر الأفكار الضالة والآراء المنحرفة بينهم أو تروج الفساد الخلقي والأخلاقي أو لأي شهوة أو شبهة . .

كما يطلب من كل طالب علم وغيره أن يحافظ على أمن المجتمع واستقراره وأن يكون جندياً مخلصاً في خدمته وعيناً ساهرة تحرس أمنه ومكتسباته وأن يجتنب كل ما ينقص من شأنه أو يحط من قدره أو يشكك في منهجه ومعتقده أو يحاول النيل والإرجاف ضد بلاده أو مسؤوليه أو رؤسائه . .

كما أن من الواجب علينا جميعاً المحافظة على الممتلكات العامة والمرافق وكافة السبل والطرق والحرص على تأمينها ونظافتها لأنها من قبيل الملكية العامة فهي من حق الجميع وللجميع وذلك كالمدارس ودور العلم والمساجد والمستشفيات والحدائق والمنتزهات وغيرها من المرافق والممتلكات العامة . .

وأن تكون المصالح العليا للمجتمع والوطن مقدمة على غيرها منا لمصالح الشخصية والمتطلبات الفردية والاحتياجات الذاتية . . مع التوكيد في هذا المقام على أن حبنا لأوطاننا ومجتمعاتنا وأهلنا وانتمائنا غليها وحرصنا على الدفاع عنها وتنميتها ورقيها ونهتضها وتجنبيها كل ما يخل بأمنها واطمئنانها واستقرارها وألا يتعارض كل ذلك مع انتمائنا لديننا الإسلامي الحنيف وتمسكنا به قولاً وعملاً ومعتقداً والتزامنا بأحكامه وآدابه لأن ذلك كله من الدين ومما حققت عليه الشريعة ورغبت فيه وأصلته وضبطته سواء ما ورد في الكتاب والسنة أو في سيرة الصحابة والتابعين والأئمة الأعلام في مختلف العصور والدهور والأزمنة والأمكنة . .

كما أن ذلك أيضاً لا يتعارض مع انتمائنا لأمتنا الإسلامية وقضاياها المصيرية وحقوقها المشروعة والذود عنها ونشر ثقافة الوحدة والائتلاف فيما بينها والدعاء لها بالأمن والاستقرار والمحبة والوئام والنمو والعزة والرفعة والقوة والمهابة . .

وقد أشرت إلى هذا في كثير من كتبني ومؤلفاتي وأبحاثي وخطبي وأصلته تأصيلاً شرعياً علمياً مع الاستدلال والتوجيه والرد على أي شبهة تثار حيال ذلك . . ولولا ضيق المقام لسردت ذلك وتحدثت عنه وبينته لكن لعل فيما أشرت إليه ولمحت له ما يكفي ويفيد ويغرس في أذهان الناشئة تعزيز حب الوطن والمجتمع وولاته والحفاظ على ذلك وفقاً للأصول الشرعية والضوابط المرعية والآداب الإسلامية والقيم الفاضلة. . فضلاً عن حب الدين والاعتزاز بالانتماء إلى أمة الإسلام والدفاع عن ذلك حسب الوسع والطاقة، والقدرة والإمكان والمكانة والجاه والبلد والزمان . .

وأختم بأن يحرص كل واحد منا على الالتزام والإفادة والاستفادة بما سمعناه وقلناه وأن ندرك أهمية وحساسية المشكلة التي نعينها والتي نحن مقبلون عليها وأن نكون عوناً على درء الفتن وتحقيق المصالح ودفع المفاسد . .

أسأل الله جلّ وعلا بأسمائه وصفاته أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها أن يصلحنا ويصلح ذرياتنا وأزواجنا وشباب المسلمين وكل مسلم وان يحفظ علينا ديننا وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يبارك لنا في أوقاتنا وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا ويكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلنا من الراشدين، وأن ينصر الحق وأهله ويخذل الباطل وأهله في كل مكان وأن يرينا عجائب قدرته في عباده الظالمين المجرمين المعتدين على بلاد الإسلام المنتهكين لحرماتها المكثرين من سفك الدماء فيها أن يرينا آثار ظلمهم عليهم في ما هم فيه وفي بلادهم وأن يكون ذلك في صالح الإسلام وعز المسلمين. . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..

وفي نهاية المحاضرة التي استمرت أكثر من ساعتين أجاب معالي الدكتور الدريويش على أسئلة أبنائه الطلاب واستفساراته بما يتعلق بموضوع المحاضرة وغيرها من الأسئلة التي تهم طالب العلم وتحافظ على سلامة معتقده ومنهجه وفكره وتجنبه الوقوع في براثن الأفكار الضالة والاتجاهات المنحرفة أو تؤدي به إلى التعالم والتفاخر بما علمه وتحذره من قرناء السوء وعلماء الضلالة أصحاب الفتاوى الشاذة أو المنحرفة أو توقعه في الشهوات أو الشبهات . . مؤكداً معاليه على أبنائه الطلاب الحذر كل الحذر من دعاة السوء والرحلات المشبوهة والجلسات اللقاءات غير المعلنة وغير الرسمية والنظامية والتي تتم بالسر والخفاء . . كما حذرهم من كل من يحاول أن يهدم ما علموه وتعلموه من علم شرعي صحيح على أيدي علمائهم الربانيين وأساتذتهم المخلصين أو يشكك في شيء من ذلك أو أن يحاول أن ينال من وحدتهم وتآلفهم واجتماعهم وتآزرهم ومحبتهم أو تفريق شملهم أو زرع الكراهية والبغضاء بينهم فعل الجميع إذاً السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرهم ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم المنسوب وطاعته بالمعروف . . وأن عليهم ان يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر برفق ولين ووفقاً للضوابط الشرعية وحسب درجات المنكر ومراتبه . .

بعد ذلك قام الجميع بأداء صلاة الظهر . .

كما أجرى معاليه بعد أداء صلاة الظهر لقاءات تلفزيونية تحدث فيها عن تجربته مع التعليم الجامعي في باكستان بصفة عامة وتجربته العلمية والإدارية في الجامعة الإسلامية وكذا عن رؤيته للعلاقات السعودية الباكستانية حاضراً ومستقبلاً والتي أجاب عليها معاليه بشفافية ووضوح وبيان مشيداً بعمق وقوة ومتانة العلاقات السعودية الباكستانية حاضراً وماضياً وأنها إلى ازدياد ونمو في المستقبل بإذن الله . .

بعد ذلك عقد معالي رئيس الجامعة فضيلة الشيخ الدكتور الحافظ عبد الرحيم اجتماعاً حول تعزيز سبل التعاون بين الجامعتين الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد والجامعة الأشرفية وذلك وفقاً لمذكرة التفاهم والتعاون الموقعة بينهما . . ومن ذلك طلب فضيلة رئيس الجامعة الأشرفية لإقامة دورة علمية توعوية أكاديمية للطلاب المتميزين والمتخرجين من الجامعة وقد وعده معالي رئيس الجامعة البروفيسور الدكتور الدريويش بتحقيق ذلك بعد وضع التصور الخاص بذلك واستكمال الإجراءات النظامية والمادية لإقامة هذه الدورة. .

كما تم خلال اللقاء عرض الطلب المقدم من فضيلة الشيخ الدكتور/ الحافظ فضل الرحيم بشأن الشفاعة الحسنة لبعض خريجي الجامعة الأشرفية لمواصلة دراستهم العليا في المملكة العربية السعودية وقد وعد معالي الدكتور الدريويش أن يلبي هذا الطلب بالشفاعة لهؤلاء الطلاب وفقاً للإجراءات النظامية المتبعة في ذلك في كلا البلدين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية . .

ثم حان وقت التكريم وتبادل الهدايا والدروع التذكارية لهذه المناسبة . . بعد ذلك قام الجميع بتناول طعام الغداء المقام بهذه المناسبة من قبل فضيلة رئيس الجامعة الأشرفية وإخوانه وزملائه القائمين على هذه الجامعة على شرف معالي رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد والذي قدم شكره وتقديره واحترامه لمعالي رئيس الجامعة الإسلامية . .

وبعد تناول طعام الغداء تم التوديع ضيف الجامعة الأشرفية البروفيسور الدكتور الدريويش والوفد المرافق له بالحفاوة والتكريم وتبادل الشكر والتقدير والعرفان على هذه الزيارة الكريمة واللقاء المثمر النافع . .