برعاية كريمة من سماحة مفتي الديار المصرية وبرئاسة وزير الشؤون الدينية الجامعة تقيم ندوة علمية بعنوان: رسالة باكستان ودور الأزهر في نشر ثقافة التسامح والتعايش والأمن المجتمعي ب

  برعاية كريمة من لدن سماحة المفتي العام بالديار المصرية فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم عبد الكريم علام وبرئاسة معالي وزير الشؤون الدينية سردار محمد يوسف، وبحضور معالي رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش ومعالي راعي الجامعة الأستاذ الدكتور معصوم ياسين زئي عقدت الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد ممثلة بمجمع البحوث الإسلامية وأكاديمية الدعوة ومعهد إقبال للبحوث والحوار يوم الجمعة الموافق 23/3/2018م ندوة علمية بعنوان: “رسالة باكستان ودور الأزهر في نشر ثقافة التسامح والتعايش والأمن المجتمعي“، وحضرها عدد من الوزراء والبرلمانيين وأعضاء مجلس الشيوخ وسفراء الدول الإسلامية، ورؤساء الجامعات، ورجال الأعلام والصحافة بما فيهم سفير جمهورية مصر العربية وسفير جمهورية اليمن والقائم مقام سفير الإمارات العربية المتحدة والأستاذ الدكتور طاهر أمين رئيس جامعة بهاء الدين زكريا في ملتان والأستاذ/ طاهر أشرفي رئيس مجلس علماء باكستان بالإضافة إلى نواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات والمدراء العموم وطلاب وطالبات الدراسات العليا بالجامعة.

بدئ الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم قدم الأستاذ الدكتور ضياء الحق مدير عام مجمع البحوث الإسلامية نبذة تعريفية عن أهمية الندوة ووقت انعقادها حيث إنها تتزامن يوم باكستان 23 مارس، وعرّف بجهود الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد في سبيل إعداد رسالة باكستان “بيغام باكستان”.

ثم ألقى معالي رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش كلمته الضافية الشاملة رحب فيها بالضيوف الكرام وبسماحة المفتي العام بالديار المصرية الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام وشكره على تشريفه لجمهورية باكستان الإسلامية ومشاركته في يوم باكستان، وشكره على تدشينه لرسالة باكستان التي تدعو إلى الأمن والأمان والسلم والسلام والتعايش السلمي والأمن المجتمعي وتتضمن محاربة العنف والإرهاب وتجرم العمليات الإرهابية، والتي اجتمع عليها علماء باكستان ومدراء الجامعات أهل الشأن والاختصاص الذين أيدوا نبذ الغلو والتدمير والتكفير ودعوا إلى الألفة والمحبة والمودة والتعايش السلمي.

وأشاد معالي رئيس الجامعة بدور جامعة الأزهر الشريف في هذا الصدد، هذا الصرح العلمي والتربوي والدعوي الشامخ الذي أسس على التقوى من أول يوم، والذي عم خيره ونفعه في جميع أنحاء المعمورة وله آثار علمية وعملية ودعوية وجهود مباركة في نشر منهج الوسطية ونشر رسالة الإسلام، رسالة أهل السنة والجماعة المستمد من الكتاب والسنة.

كما تكلم الدكتور الدريويش عن أهمية الأمن المجتمعي فقال: “إن الله سبحانه وتعالى قد أنزل شريعته الخاتمة لتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم، ومن أعظم مصالح العباد أمنهم وسلامتهم؛ حيث إنه لا تتحقق لهم أي مصلحة، ولا تدرأ عنهم أي مفسدة بدون تحقيق الأمن والسلم المجتمعي والوطني والعالمي، والإسلام دين أمن وسلام واليسر والسماحة والتعاون على البر والخير والتقوى مع جميع الأمم والشعوب، ولذا فقد حث الإسلام على تحقيق الأمن والسلم بشكل عام في نصوص الكتاب والسنة.

والمجتمع الآمن في الإسلام هو الذي يطمئن فيه الفرد والأسرة على أن يحيوا حياة طيبة في الدنيا، ولا يخافون على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ودينهم وعقولهم ونسلهم من أن يعتدي  عليها أحد، وذلك من خلال الوسـائـل التـربوية والوقائية والزجرية التي شرعها الإسلام لذلك.. فالأمن بهذا المعنى حق مشروع للإنسان في الإسلام، وشرع له من الوسائل ما يكفل له هذا الحق ويحفظه ويحميه.

والأمن قوام الحياة والدين، ولقد سعت الشريعة إلى الأمن الشامل: الأمن الفكري، والأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي، والأمن الجنائي”.

وأضاف الدكتور قائلاً: “تكمن أهمية الأمن في حياة الفرد والمجتمع والأمة في كونها المرتكز والأساس لكل عوامل البناء والتنمية، ولا يتحقق تقدم في أي مجال من مجالات الحياة العامة أو الخاصة إلا به، ولا تتحقق النهضة الشاملة في جميع المجالات إلا على أساسه فلا نهضة علمية أو اجتماعية أو اقتصادية، ولا ابداع ولاتقدم ولا مدنية ولا حضارة إلا في مناخ آمن يعيشه الفرد والمجتمع.. ولهذا جعله الله تعالى من مقومات الحياة إلى جانب الغذاء، فقال ممتنا على أهل مكة: { الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ }.

وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الأمن، وأن المسلم متى ظفر به فقد ظفر بالدنيا كلها، فقال صلى الله عليه وسلم: “من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

وتزداد أهمية الأمن في هذا الوقت مع انتشار ظاهرة العنف والارهاب والجرائم التي تطورت في عالم التقنية والعولمة.. الأمر الذي شعر الإنسان والمجتمع الدولي بكافة بوجود الحاجة الماسة بل الضرورة إلى نعمة الأمن والاستقرار والاطمئنان”.

كما أشار الدكتور الدريويش إلى الوسائل التي شرعها الإسلام للمحافظة على الأمن بشقيه المادي والمعنوي، وذكر منها الاعتصام بالكتاب والسنة فقال معاليه: “من يريد الأمن الحقيقي بمعناه الشامل له ولغيره فعليه بالإعتصام بالكتاب والسنة اعتصاما حقيقيا.. ومن يريد النجاة من الفتن والابتعاد عن الانحراف الفكري فعليه التمسك بكتاب الله عز وجل بأن يقرأه ويتدبره ويعمل بما فيه فهو المصدر الأول للأمن والهداية والنجاة من الشرور في الدنيا والآخرة, وكذلك عليه بسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأنها تفسر القرآن وتبينه وتوضحه وتدل عليه كما قال تعالى:  (( وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) .

فالتمسك بالكتاب والسنة هو أعظم أسباب الأمن والسلم، وهو العصمة والنجاة من الفتن، قال تعالى: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آيته لعلكم تهتدون﴾.

وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تهلكوا ولن تضلوا بعدي أبداً؛ كتاب الله وسنتي)).

ومن أهم وسائل تحقيق الأمن والأمان والسلم والسلام في الإسلام لزوم وسطية الإسلام واعتداله وتوازنه وبعده عن الافراط والتفريط، وترسيخ قيم الانتماء لدى الشباب لهذا الدين الوسطي وإشعارهم بالاعتزاز بهذه الوسطية، وهذا يعني الثبات على المنهج الحق وعدم التحول عنه يمنة أو يسرة وعدم نصرة طرف الغلو والإفراط أو طرف الجفاء والتفريط في صراعهما المستمر.

ومن وسائل الإسلام في تحقيق الأمن التسامح، والصفح وحين التعامل مع كافة البشر، وان الأحقاد والطائفية والحروب الدينية التي حفلت بها العصور السابقة ونرى كثيرا منها في عالمنا المعاصر ينبذها الإسلام، بل يحرمها ويذم مقترفها.

ومن مظاهر التسامح في الإسلام العدل والإحسان والرحمة والاعتدال ونبذ التعصب والتشدد.

ومن وسائل تحقيق الأمن في الإسلام الابتعاد عن الغلو والتشدد في الدين.

ونظراً للخطر الكبير الذي يمثله الغلو في الدين على الأمن المجتمعي لقد تضافرت النصوص الشرعية في النهي عنه”.

وفي الختام قدم معالي الرئيس شكراً خالصاً لجمهورية مصر العربية ولشيخ الأزهر الشريف الشيخ أحمد طيب على مواصلته التعاون مع الجامعة ورعايته لها وإمدادها بالأساتذة والوعاظ والقراء، كما شكر القائمين على هذه الندوة على جهودهم في سبيل إنجاح الندوة.

ثم تكلم الأستاذ الدكتور سهيل حسن عبد الغفار مدير عام أكاديمية الدعوة حول العلاقات الثنائية بين جامعة الأزهر الشريف والجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد في سبيل التبادل المعرفي وإيفاد الأساتذة من البعثة الأزهرية وتبادل الزيارات العلمية، وشكر أعضاء البعثة الأزهرية على مشاركتهم الفعالة في الحلقات العلمية المقامة في رحاب مسجد الملك فيصل لطلاب الجامعة.

ثم تحدثت الأستاذة روبينه عالم عضوة البرلمان الباكستاني وشكرت مجمع البحوث الإسلامية على الجهود الموفقة والمسددة في إعداد رسالة باكستان في ضوء ميثاق المدينة، وبين أهمية هذه الرسالة حيث إنها ليس كتيباً صغيراً فحسب، بل هي نتيجة لجهود متضافرة لتقديم صورة الإسلام الصحيحة الصافية حتى يعلم الجميع أن الإسلام دين محبة وسماحة واتزان واعتدال.

ثم تكلم الأستاذ الدكتور طاهر أمين رئيس جامعة بهاء الدين زكريا حول الأبعاد الدولية لرسالة باكستان وأفاد أن المجتمع الباكستاني قدم تضحيات كبيرة في الحرب ضد الإرهاب وافتقدنا في ذلك أرواحاً ثمينة للعسكرين ورجال الأمن والآخرين أكثر مما افتقدناها في الحروب بين الهند وباكستان، إضافة إلى الخسائر الأخرى الاقتصادية وغيرها التي واجهناها في معالجة هذه الظاهرة، وهذا يحتِّم علينا النظر في أسباب هذه الظاهرة ثم علاجها وفق تعاليم الإسلام السمحة الخالدة.

وأضاف أن هناك عدة أسباب محلية ودولية، فمن الأسباب المحلية أننا لم نقم باستعراض ومراجعة السياسات الداخلية والخارجية منذ مدة مديدة، ومنها كذلك عدم توفير العدل الاجتماعي والاقتصادي وعدم العمل بتعاليم الإسلام وأصوله، كما ذكر بعض الأسباب الدولية للإرهاب مشيراً في ذلك إلى أهمية رسالة باكستان حيث إنها مستمدة من أصول الإسلام الصحيحة التي تدعو إلى الوحدة والائتلاف وتنبذ الغلو والتطرف والإرهاب بجميع أشكاله.

ثم تكلم وزير الشؤون الدينية سردار محمد يوسف وشكر سماحة المفتى العام على قدومه الميمون وتشريفه، وشكر مجمع البحوث الإسلامية على الجهود المبذولة في إعداد رسالة باكستان التي وافق عليها مما يقرب من ألفي عالم، وتزداد أهمية هذه الرسالة بأن إمام الحرم المكي فضيلة الدكتور صالح آل طالب وافق على هذه الرسالة واليوم وافق عليها سماحة المفتي العام بالديار المصرية، وهذه المهمة لم يكن أمراً سهلاً، والفضل في ذلك يرجع إلى الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد.

ثم تكلم ضيف الشرف سماحة المفتي العام وشكر معالي وزير الشؤون الدينية ورئيس الجامعة وراعيها على هذا اللقاء الميمون المبارك، وأضاف أن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية يلقي بظلاله على جميع الدول الإسلامية، وكلها اكتوت بنار الإرهاب، وليس هناك أي دين يؤيد الإرهاب، بل الإرهاب يقوم على أفكار متطرفة يدينها كل دين وعقل سليم، فالإرهاب لا دين له ولا وطن له، ولا بد لنا أن نقف جميعاً أمام هذه الظاهرة ونرفضها بكل غيرة وحماسة وكلنا نحتاج إلى مثل هذه الرسائل التي ترفض الإرهاب والأفكار الهدامة والنظريات المتطرفة.

فلا بد أن نقي شبابنا عبر جهود جماعية جبارة من قبل علماء مختلف المجالات ومن قبل مؤسسات عديدة وأن نقوم بتقديم وسائل وطرق وآليات لتحقيق هذا الهدف النبيل وفق مبادئ دين الإسلام.

وأشاد بدور الجامعة في إعداد وصياغة رسالة باكستان التي وافق عليها ما يقرب من ألفي عالم من توجهات مختلفة ومشارب علمية شتى الذين وقفوا جميعا ضد الإرهاب والغلو.

ثم قُدِّم جائزة التميز من قبل مجمع البحوث الإسلامية بالجامعة لكل من سماحة المفتي العام بالديار المصرية الشيخ الدكتور شوقي علام والأستاذ الدكتور طاهر أمين رئيس جامعة بهاء الدين زكريا في ملتان على جهودهما الأكاديمية والبحثية والإدارية، قدمها لهما رئيس الجامعة وراعيها ومدير عام مجمع البحوث الإسلامية.

وفي الختام تم توزيع الدروع والهدايا التذكارية بين الضيوف ثم تناول الجميع طعام الغداء المعد بهذه المناسبة.