رئيس الجامعة يقيم ندوة علمية ومأدبة إفطار لعلماء وخطباء إسلام آباد

  f20a50ce-c25a-4a5a-913f-eb5ac33494b4أقيمت يوم الاثنين الموافق 13يونيه 2016 م ندوة علمية نقاشية حضرها كبار العلماء والخطباء والمفتين والوعاظ ورجال الفكر بإسلام آباد وراولبندي بدعوة ورعاية كريمة من معالي رئيس الجامعة الإسلامية بإسلام آباد الأستاذ الدكتور / أحمد بن يوسف الدريويش ، وشرفها بالحضور معالي راعي الجامعة الأستاذ الدكتور محمد معصوم يسين زئي .

أعرب الجميع من علماء وخطباء باكستان سعادتهم الغامرة بهذه الندوة ، وعبروا عن شكرهم وامتنانهم لمعالي رئيس الجامعة ومعالي راعي الجامعة لحرصهم المستمر على التواصل مع علماء وخطباء أقاليم باكستان وإقامة دورات وندوات علمية وتثقيفية وتوعوية ، ومناقشة ما يستجد من قضايا تهم العالم الإسلامي ، وخاصة ما يتعلق بتعزيز العلاقات السعودية الباكستانية في مجال الدعوة والإرشاد والتوجيه .

وتحدث علماء وخطباء باكستان عن جهود المملكة العربية السعودية في دعم علماء باكستان وإتاحة الفرصة لهم دائماً لزيارة الحرمين الشريفين، والتواصل مع العلماء الربانيين والاستفادة من منهجهم الدعوي المستمد من الكتاب والسنة ، والمعتمد على الوسطية والاعتدال والموعظة الحسنة ، ثم عن جهود ولاة الأمر الأبرار بالمملكة في إنشاء ودعم دور العبادة والمدارس والجامعات بباكستان ، واستشهدوا بأبرز معالم إسلام آباد وشرق آسيا وهو مسجد الملك فيصل رحمه الله ، ذلك الصرح الذي يرفع فيه اسم الله ليل نهار ، وما يحتويه من دور العلم وهي الجامعة الإسلامية العالمية العريقة ، وما زال عطاء المملكة لباكستان ورعايتهم الكريمة للمؤسسات الدعوية والعلمية والخيرية من لدن ولاة الأمر المباركين وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده وولي ولي عهده الأمناء الأبرار – حفظهم الله – لدعمهم المتواصل مادياً ومعنوياً لدولة باكستان حرصاً منهم على مواصلة مسيرة أسلافهم الأبرار رحمهم الله وتجسيداً للأخوة الإسلامية بين أبناء الأمة ، هذا فضلاً عن عمق العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية .

a9dc8a20-6bac-4e3e-aa7e-f3740973dfc3 ثم تحدث معالي رئيس الجامعة وقدم الشكر والتقدير لفخامة رئيس جمهورية باكستان الإسلامية والرئيس الأعلى للجامعة ولدولة باكستان حكومة وشعباً سلفاً وخلفاً لدعمهم ومساندتهم واهتمامهم بالجامعة الإسلامية من أجل تحقيق أهدافها ورسالتها الإسلامية العالمية ، ولحرصهم دائماً على تعزيز وتقوية العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان .

ثم تحدث عن أخطر القضايا المعاصرة وهي قضية تجديد الخطاب الديني فقال : إن التجديد الذي نعنيه هو تطوير الوسائل التي تمكن الدعاة من متابعة التطورات المعاصرة ومواجهة الدعاوى الضالة ، لأجل ذلك نقوم بعقد ندوات وورش عمل للدعاة من خلال أكاديمية الدعوة ومعهد الفتوى للتعريف والتعليم والتثقيف والتوجيه والارشاد، ولبيان الصورة الصحيحة والبعد عن الفتاوى الشاذة والتشدد والغلو والتطرف .

ثم بين أهمية دور العلماء والخطباء وتسأل : أين العلماء والدعاة من التجمعات الشبابية في المدارس والأندية والجامعات ؟ هل نجحت جهود العلماء في تفنيد دعوى الإرهاب وإغلاق باب الاجتراء على الفتوى ؟ كيف اخترق الإرهاب عقول الشباب ؟ وهل ساهمت جهود العلماء التوعوية في فضح التيار المتطرف ؟ وما هي أنجح الوسائل لتحقيق هذا الهدف ؟ هل كرس علماؤنا في أذهان شبابنا أن السلم هو الأصل في علاقة المسلمين مع غيرهم ؟ إن الذهن الإنساني كما تعلمون هو أشبه بالوعاء الفارغ ، إذا لم تملأه بالخير امتلأ بالشر؛ حيث يوجد لدى نسبة غير قليلة من الشباب فراغ ذهني خطير ، هذا الفراغ ناتج فيما نتج منه من وجود هوة عميقة بين العلماء والمثقفين من جهة ، وبعض الشباب من جهة أخرى ، وقد لمست ذلك من خلال تجربتي العملية من خلال النصح والإرشاد لمجموعة من التائبين والعائدين من الفكر المنحرف .

فقد كان من نتائج فراغ أذهان بعض الشباب أن كان لأصحاب المذاهب المشبوهة دور في استغلال الأذهان الفارغة وحشوها بمعتقداتهم الضالة وانحرافاتهم الضارة ، ومن المهم جداً كسب هؤلاء الشباب إلى الوضع الصحيح بعيداً عن الجنوح والجموح لكي تتوافر لديهم الرؤية الواعية بحيثياتها التي تحمل على الاقتناع التام بما يصدر عنه من معرفة وما يتلقونه من علم لضمان مسارهم في طريق الاعتدال .

 إن من واجب العلماء العاملين والخطباء المخلصين هو احتضان الشباب ومد جسور المحبة بما يقضي على الفجوة القائمة بين كثير من الشباب وبعض العلماء ، والتقارب سوف يؤدي بلا شك لإفساح المجال أمام الشباب، لاستيعاب أحكام الدين على أسس صحيحة دون مزيد يدعو للغلو ، ولا نقص يدعو للتهاون ، حتى لا يكون الشباب فريسة سهلة لأدعياء العلم المزور ، الذين يتربصون بهم فيتحولون في أيديهم إلى ما يشبه الأداة اللينة ، التي يكيفونها كيف شاؤوا ووقتما شاءوا ، ويضعون في أيديهم آلة مبرمجة حسب مخططاتهم .

2dff1f72-cf43-481b-a892-afca1e5e73ffفنرجو أن يترفق علماؤنا الأفاضل بالشباب في إعطائهم التوجيهات ، فلا يضيقون من الدين واسعاً ، ولا يشددون فيشدد الشباب أكثر مما هو مطلوب منهم ، وإنما تيسير التوجيه تحت مظلة الهدي النبوي ” يسروا ولا تعسروا ” حتى تسير القافلة بأبناء هذا الجيل في طريق ممهد ، وتستقيم الخطى على نهج محدد .

 ومن مقتضيات مسؤولية علمائنا الأفاضل تفنيد الادعاءات الزائفة ، وكشف زيف أهل الباطل ، وإرشاد الشباب الحائر والأخذ بأيديهم إلى المسلك الحسن والمنهج الوسط ، منهج الاعتدال بعيداً عن التسلط والتشدد والغلو في الدين ، وبعيداً كذلك عن الانحلال وعدم الاهتمام بالواجبات الدينية ، مع صيانة عقول شبابنا من آثار الغزو الفكري المدمر ، لأن ذلك من أهم الضمانات اللازمة لاستمرار نعمة الأمن والاستقرار التي نعيشها ، لأن سلاح الغزو الفكري يعتمد على الفكرة والكلمة والرأي والحيلة والنظريات والشبهات والمنطق في الخلاف والعرض البارع ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وغير ذلك مما يقوم مقام السيف والصاروخ في أيدي الجندي ، والفارق بينهما هو الفارق نفسه بين أساليب الغزو قديماً وحديثاً ، لأنه من الثابت أن مهمة الأمن هي مكافحة الجريمة في طورها المادي أما مسؤولية المؤسسات الدعوية والتربوية والإعلامية فمكافحتها في طورها الفكري.

مع التركيز على مناقشة المسائل العلمية التي تخفى على كثير من الشباب ، حيث أدى الجهل بها إلى الانحراف والوقوع في براثن الإرهاب ومكوناته عبر وسائل الإعلام وفي المدارس وفي المساجد ، لأن التيارات والجماعات الإرهابية التي تتبنى منطلقاتها وسياساتها وأعمالها الاعتداء على الناس لها مفاهيم ضلت فيها.

 فأفكارها ومعتقداتها محصورة ، وفي أساسها لا وجود لها في بلادنا ولله الحمد وبرعاية ولاة أمرنا الأخيار ، وإنما نبتت في بلاد أخرى ، والأمر يتطلب حصراً شاملاً من أهل العلم لجميع شبههم والجواب عنها والرد بأدلة وقواعد مفصلة مقنعة شرعاً ، وتزويد كل الجهات وطلبة العلم والخطباء والدعاة بها ليكونوا على بينة منها ، ونحن في الجامعة الإسلامية نمد أيدينا للجميع ، ونفتح أبواب قاعاتنا العلمية والتربوية والدعوية ، ولدينا ولله الحمد من الكوادر العلمية المتخصصة والمؤهلة والمتدربة ما يكفي ، والتي قدمت من بلاد العالم الإسلامي وجامعاتها العلمية العريقة الموثوقة في الفضل والمنزلة ، وأبرزهم العلماء الموفدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الأزهر الشريف ، حيث لديهم القدرة والخبرة والدراية ليردوا على تلك الأفكار، فالمطلوب حصر للشبه والرد عليها .

مع توثيق الرد على هؤلاء وعلى شبهاتهم من قِبل القادرين علمياً على الرد ، خاصة في خطبة الجمعة التي رغم أهميتها لم تُستغل حتى الآن في مناقشة أمور الشباب وما يهم الوطن ، وبعضها يؤخذ لغير مجراه في تهييج مشاعر الشباب وتأليبها ، حيث ثبت لنا من خلال مراجعات التائبين أن أغلب المغرر بهم كان عن طريق إما : فتاوى شاذة ، أو عن طريق الإنترنت ، أو لوي النصوص الشرعية ، أو نتاج هوى في النفس .

فتكاتف الجميع ضمن مشروع متكامل للتوعية والإرشاد بحظر هذه الأيديولوجيات السياسية والجهادية المنحرفة التي ضادها أهل العلم بجميع فئاتهم وعلى مختلف بلدانهم كالآتي:

أولاً: تعزيز الجانب العقدي في نفوس الناشئة حتى لا يهتز إيمانهم ، ولا تنحرف عقيدتهم ، ليمكنهم مواجهة التحديات بإيمان راسخ ، وعقيدة ثابتة ، وقلوب مطمئنة.

ثانياً: تعزيز الوازع الديني في نفوس الناشئة.

ثالثاً: التصدي بحكمة وعقلانية للحملات العنيفة الموجهة ضد الإسلام وثوابته ومعتقداته ، ومعالجة الفكر بالفكر وإيضاح الصورة الحسنة للإسلام بشتى الطرق والوسائل من خلال الحوار وعرض الأدلة الشرعية في تحريم الإرهاب بدلاً من بيانات الشجب والاستنكار.

رابعاً: إظهار وسطية الإسلام واعتداله ، وتمثل ذلك منهجاً وسلوكاً ، فلله الحمد والمنة … فكما أن المملكة لها دورها السياسي المحوري المهم فإن لها دورها المشهود ومكانتها الدينية الرائدة ، ولعلمائها مكانتهم في قلوب جميع أقطار العالم من خلال نصحهم وإرشادهم وتوجيههم وانتهاجهم المنهج الوسطي المعتدل ، وذلك ناتج من عقيدة المملكة وعلمائها ورعيتها الإسلامية الخالصة من البدع والأهواء ، وهي المرجعية الدينية ولعلمائها الأجلاء المكانة والتقدير عند جميع المسلمين ، ونحن شعب فطرنا على الدين وحب ولاة الأمر ، وهو جزء من عقيدتنا ، ونجل العلماء ، وننصت جيداً لقولهم .

fef437d2-a871-4e8f-9b5a-55c7dff4fafeخامساً: أن تكون هناك خطة من قِبل العلماء والدعاة الثقاة ونحن ندعمها ، وأن تكون هذه الخطة التي يعدها العلماء والدعاة لمواجهة هذا الانحراف مبنية على احتواء حكيم يعمل على وقاية أبناء المجتمع من هذا السلوك المنحرف ، ولتحقيق هذا نعلن عن إقامة مؤتمر بعنوان ” دور الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والسلم العالمي ” نطرح من خلاله الأطر الكفيلة لمواجهته ومعالجة أسبابه ودوافعه ، كما نعلن دعوتكم ومشاركتكم الكريمة بالحضور في رحاب الجامعة الإسلامية التي اعتمدت في مناهجها ومقرراتها الوسطية والاعتدال وتعزيز الأمن الفكري والسلم العالمي .

سابعاً: قيام العلماء والدعاة بوظيفتهم تجاه هذه المشكلة يعد محوراً مهماً في النهوض والتصدي لهذه الظاهرة وحماية المجتمع من الانهيار بمعاول الفساد التي يحملها المنحرفون الذين يسعون لإحداث شروخ عميقة بين أفراد المجتمع والأمة الإسلامية ليزعزعوا الأمن ويحدثوا الفوضى من خلال مجابهة ومواجهة الفتاوى الشاذة والرد عليها بالدليل العلمي المؤصل ، مع استغلال منبر الجمعة لتوجيه هذه الرسائل التوعوية .

وإننا من هذا المنطلق ندعو جميع المشايخ وطلاب العلم والكتاب المتمرسين إلى المشاركة معنا في دحض الباطل وقمع الزيف ونشر السنة الصحيحة والنصح والإرشاد للصواب والرد بالحجة والبرهان على ما ينشر بين الحين والآخر في الشبكة العنكبوتية من كذب وتلبيس وتدليس ضد الإسلام والمسلمين .

وحرصاً من الجامعة الإسلامية بأهمية دور الإعلام المحوري في معالجة هذه القضية ، فقد تم تدشين المركز الإعلامي الدولي للبحوث والدراسات والمعلومات الذي افتتحه صاحب المعالي الأستاذ الدكتور / سليمان بن عبد الله أبا الخيل مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ونائب الرئيس الأعلى للجامعة الإسلامية بإسلام آباد ، وتبرع لإنشائه وإقامته بمبلغ مالي من نفقته الخاصة ، فجزاه الله خير الجزاء .

ثم وضح أن الجامعة بحمد لله لا وجهة لها إلا العلم والتعلم ، ولا مقصد لها إلا إخراج جيل مسلم واعي وقادر على المنافسة والعطاء وتغطية متطلبات سوق العمل والإنتاج ، وأن يكون نافعاً لنفسه ومجتمعه ووطنه وأمته والإنسانية جمعاء ، وأنه لا مكان للطائفية أو التحزب أو التمذهب أو العنصرية أو التشدد أو الإفساد ، فشعارنا هو ” أتقوا الله ويعلمكم الله ” و ” إنما المؤمنون إخوة ” وأن بني الإنسانية جمعاء تجمعهم أبوة آدم وأمومة حواء

لهذا أوصي نفسي وأبنائي الطلاب وإياكم بتقوى الله في السر والعلن وأن نكون نافعين لمجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا ، وأن نجعل القرآن الكريم والسنة النبوية دليلنا ومرشدنا في الحياة ، وأن نبتعد عن الفتاوى الشاذة والأهواء والشبهات والشهوات والغلو والتطرف والإفساد ، وأن تكون دعوتنا إلى الله على بصيرة بما يحقق الخير لديننا وأوطاننا وأمتنا بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن نلازم الجماعة ومن ولاهم الله الأمر في البلاد .

   وقد أثنى الحاضرون على هذه  الكلمات التوجيهية والإرشادية الطيبة .

وفي نهاية اللقاء أقام معالي رئيس الجامعة مأدبة إفطار ، أعقبها تقديم الدروع التذكارية .