معالي رئيس الجامعة يلقي محاضرة عن الاعتماد على النفس عند العلامة محمد إقبال ودوره في بناء المجتمعات

ألقى معالي رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش محاضرة عليمة قيمة عن موضوع مهم بعنوان: (الاعتماد على النفس عند العلامة
محمد إقبال ودوره في بناء المجتمعات والوحدة الإسلامية) وذلك يوم الاثنين 24/ديسمبر/2018م في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس المغرب والذي قام معاليه والوفد المرافق بزيارتها وتوقيع بروتوكول التعاون والتفاهم معها..

وقد شهدت المحاضرة حضور عدد كبير من الأكاديميين والأساتذة والطلاب.. حيث قدم معاليه شكره وتقديره لجميع الحاضرين ولمعالي رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله ونوابه والأساتذة والطلاب على هذا الحضور والاهتمام..

مضيفاً معاليه: بأن الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد ولله الحمد لها دور بارز في تثقيف الأمة الإسلامية والذي نقوم به من التعريف بأفكار العلامة محمد إقبال أكبر دليل وأوضح برهان على هذا.. فنحن بإذن الله تعالى ماضون وبتعاون جميع العاملين فيها في تحقيق أهداف الجامعة ورسالتها في خدمة الإسلام والمسلمين وفي خدمة الأقليات المسلمة وفي خدمة المجتمع الباكستاني..

ثم تحدث معاليه في محاضرته عن الاعتماد على النفس في شعر إقبالونثره وأن الحديث عن شعره وفلسفته حديث ذو شجون حيث قام العلامة إقبال بالعديد من المساهمات العلمية الجادة التي كانت سبباً رئيساً في الدفاع عن الإسلام.. فكانت فلسفته قائمة على القوة والوحدة والاهتمام ببناء المجتمعات الإسلامية..

وأما شعره فإنه يتميز بذوبانه وراء شعلة الإسلام التي ملأت العالم نوراً وحرارة.. فشعره يوقظ العقول ويهز النفوس ويربي الآمال في الصدور.. وهو من الشعراء القليلين الذي وهب حياته لخدمة الفكر الإسلامي.. فشعره مليء بالمعاني الإيمانية القوية.. ورأى بأن هناك أهمية كبيرة للدين في حياة المجتمعات عامة وفي حياة المسلم خاصة.. حيث إن الشعور بالمسؤولية والاعتماد على النفس أحد الأركان المهمة لسعادة الفرد والمجتمع.. وإن الانتصارات العظيمة التي أحرزها الرجال الأفذاذ في العالم، والترقيات العلمية والاجتماعية والاقتصادية التي حصلوا عليها، مدينة الى وعي المسؤولية الفردية من قبلهم وما يستتبع ذلك من نشاط دائب وجهد متواصل..

والاعتماد على النفس أساس كل تقدم وترقٍ. فإن اتصف اكثر أفراد الشعب بهذه الفضيلة كان ذلك الشعب قوياً وعظيماً، وكان السرّ في إرتقائه وتقدمه وقدرته هو تلك الخصلة فقط؛ لأنّه في هذه الصورة يكون عزم الإنسان قوياً..

وأضاف معاليه بأن شاعرنا العلامة محمد إقبال بذل جهودًا عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين في الشرق والعالم الإسلامي: وكان في كل أسفاره يعمل على نشر الإسلام وثقافته في الشرق والغرب، فحينما ذهب إلي إيطاليا ألقى محاضرة في روما يبين فيها الفرق بين مذهب كل من الحضارة الغربية والشيوعية والحضارة الإسلامية.. ووضح فيها رأيه حول أسباب تخلف المسلمين وأن من أهم أسباب هذا التخلف هو البعد عن دينهم.. وذكر الناس بماضي المسلمين وحضارتهم..

كما كان يدعو المسلمين إلى المشاركة في حركة الحضارة والتقدم، وينبذ الفكر الذي يكتفي من الدين بالعلاقة بين العبد وربه في صورة العبادات، وكان له موقف أصيل من التصوف، يقوم على رفض التصوف الذي يخالف الكتاب والسنة..

مشيراً معاليه بأنه ظهر لي من خلال دراسة وتحليل شخصيته اهتمامه بالإسلام والمسلمين.. ليس في باكستان فحسب بل في العالم الإسلامي والعربي بل في العالم أجمع.. وما ذاك إلا لأن العلامة محمد إقبال انغرس حبه في نفوسنا وقلوبنا.. وتزخر بكثير من أبياته التي تفيض محبةً للإسلام والمسلمين في جميع الأنحاء المعمورة وخاصة في الجزيرة العربية وخاصة في بلاد الحرمين الشريفين وحبه الشديد لهذه البلاد.. ومما نخشاه في هذا الوقت أن تذوب هذه المحبة في نفوس الناشئة إن لم يدرك العلماء والمفكرون هذا الأمر المهم..

وكانت لشاعرنا الكبير محمد إقبال -كما يقول الدكتور البيومي- فلسفة رائعة أطلق عليها النقاد “فلسفة القوة” وتبرز هذه الفلسفة من مجموعة من الحكم العالية التي تبناها إقبال وتجعل ذات المسلم مصدر
قوته، إذا فهم أسرارها، وبهذا الفهم يخضع الطبيعة لمشيئته، إذ لا يكرم في الدنيا من لا يكرم نفسه، ويرى العالمين
مبلغ إبائه وسموه، ويقول إقبال ما ترجمته: “اتخذ قوتك الذاتية، واجعلها في مكانة من العلو. وإن ابتغاء مرضاة الله لعبده لن يكون إلا حين يكون قويا غير مستكين”...

ذاكراً معاليه في المحاضرة بأن المسلم لم يخلق ليندفع مع التيار ويساير الركب البشري حيث اتجه وسار، ولكنه خلق ليوجه العالم والمجتمع والمدنية، ويفرض على البشرية اتجاهه ويملي عليها إرادته، لأنه صاحب الرسالة وصاحب الحق اليقين، ولأنه المسئول عن هذا العالم وسيره واتجاهه، فليس مقامه التقليد والإتباع، إن مقامه مقام الإمامة والقيادة، مقام الإرشاد والتوجيه، مقام الآمر الناهي، ولئن تنكر له الزمان وعصاه المجتمع وانحرف عن الجادة لم يكن له أن يخضع لأوزاره ويسالم الدنيا بل عليه أن يثور عليها وينازلها ويظل في صراع معها وعراك حتى يقضي الله في أمره، إن الخضوع والاستكانة للأحوال القاسرة والأوضاع القاهرة والاعتذار بالقضاء والقدر من شأن الضعفاء والأقزام، أما المؤمن القوي فهو نفسه قضاء الله الغالب وقدره الذي لا يرد..

وفي نهاية محاضرته كرر معاليه شكره وتقديره لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ولجميع العاملين فيها وللطلاب..

كما تجول معاليه بعد المحاضرة والتقى بعدد من الأساتذة والأكاديميين والطلاب..