معالي رئيس الجامعة يرعى المؤتمر الدولي عن حقوق الطفل في الإسلام المقام في فندق سرينا في إسلام آباد باكستان

انطلاقاً من الدور الريادي للجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد في خدمة المجتمع الباكستاني بصفة خاصة وفي خدمة العالم الإسلامي والعربي والأقليات المسلمة بل والعالم أجمع.. وإسهاماً في النهوض بهذا المجتمع نحو الأفضل وتشخيص احتياجاته ومتطلباته والعمل على معالجة مشكلاته ومعوقاته.. وإدراكاً من الجامعة الإسلامية العالمية لواجبها تجاه قضايا المجتمع ومشكلاته وبخاصة القضايا المتعلقة بحقوق الطفل في الإسلام لما تمثله من مكانة في المجتمعات الإسلامية.. وبخاصة ما تقوم به الجامعة بواجبها تجاه الإسهام مع العلماء والمختصين في التوعية والتثقيف حول بيان حقوق الطفل في الإسلام..

رعى معالي رئيس الجامعة الإسلامية العالمية الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش المؤتمر الدولي عن حقوق الطفل في الإسلام المقام في فندق سرينا في إسلام آباد بتاريخ 15-17 أغسطس 2017م الموافق 22-24 ذي القعدة 1438هـ . . وذلك من قبل أكاديمية الشريعة التابعة للجامعة وبالتعاون مع منظمة (اليونيسيف) منظمة الأمم المتحدة لحقوق الطفل..

وحضر المؤتمر العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين والمختصين والمحامين ورجال الإعلام والصحفيين من مختلف أقاليم الباكستانية كما حضرها شخصيات عالمية بارزة من الدول المختلفة المهتمين بحقوق الأطفال في العالم..

وقد ألقى معالي رئيس الجامعة البروفيسور أحمد بن يوسف الدريويش كلمة ضافية في هذا المؤتمر الدولي المهم حيث رحب فيها بجميع الحاضرين وقدم شكره وتقديره لكل من شرف هذا الحفل المبارك وحضر وشارك وأسهم في الإعداد والتنظيم والترتيب والإشراف..

وأضاف معاليه: بأن الجامعة ممثلة بأكاديمية الشريعة التابعة لها وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة لحقوق الطفل (يونيسيف) مكتب باكستان دعت لعقد مؤتمر عالمي يعنى بحقوق الأطفال في الإسلام بعنوان: (حقوق الطفل في الإسلام) والذي ولا شك في أهميته حيث تُعَدُ مرحلة الطفولة اللَّبِنَة الأساسيَّة في بناء شخصيَّة الفرد إيجابًا أو سلبًا، وفقًا لما يُلاقيه من اهتمام، وجاء الإسلام ليُقَرِّرَ أن لهؤلاء الأطفال حقوقًا وواجبات، على اعتبار أنهم شريحة مهمَّة من المجتمع لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها، وذلك قبل أن تُوضَع حقوق ومواثيق الطفل بأربعة عشر قرنًا من الزمان!

كما ذكر معاليه في كلمته مجمل حقوق الطفل في الإسلام حيث قال: بأن الإسلام قد سبق غيره من النظم في الاهتمام بهذه الحقوق في مراحل متقدمة للغاية حقوق الطفل داخل الأسرة وتبدأ من اختيار الأم الصالحة، ثم الاهتمام به في حالة الحمل فأقرّ تحريم إجهاضه وهو جنين، وإجازة الفطر في رمضان للمرأة الحامل، وتأجيل حدِّ الزنا حتى يُولد وينتهي من الرضاع، وإيجاب الدية على قاتله..

وجعل من حقوقه بمجرد ولادته الاستبشار بقدومه، والتأذين في أذنيه، واستحباب تحنيكه حلق شعر رأسه والتصدق بوزنه، واختيار الاسم الحسن للمولود، والعقيقة، وإتمام الرضاعة، والختان والحضانة والنفقة والتربية الإسلامية الصحيحة..

كما راعى الإسلام حقوق الطفل الصحية والتربوية من جوانب متعددة منها التربية الإيمانية العبادية، والتربية البدنيَّة، والتربية الأخلاقية، والتربية العقلية، والتربية الاجتماعية..

ذاكراً معاليه أهمية هذا المؤتمر الدولي المهم وذلك لتشخيص واقع حقوق الأطفال في باكستان وبخاصة إذا استحضرنا أن هذا المجتمع يأتي ضمن منظومة مجتمعاتنا المسلمة المحافظة التي تتخذ من الإسلام دينا ومن الكتاب والسنة منهجاً للتشريع والتطبيق في ميادين الحياة المختلفة.. فالنزعة الدينية لدى المجتمع على مختلف أطيافه وفيئاته وأقاليمه واضحة وبينة وتوجه العامة والخاصة في تربية وتعليم أبنائهم وأطفالهم هو السمة الغالبة..

مؤملاً معاليه: بأن تغطي محاور هذا المؤتمر الدولي ما أشرت إليه من خلال أوراق العمل ومداخلات العلماء الفضلاء والمشاركين الأعزاء من طلاب العلم والحاضرين وأهل الخبرة والدراية..

مضيفاً معاليه: بأن الإسلام قد اعتنى بالطِّفْل من قبْل وجود الطفل، فهيَّأ له أسرة طيِّبة تتكوَّن من والدٍ تقي ووالدة صالحة، فحثَّ رسول الله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – الزَّوجة وأهلَها بقوله: ((إذَا خَطَبَ إلَيْكُم مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وخُلُقَهُ، فزَوِّجُوه))؛ رواه الإمام الترمذي في السنن. وحثَّ الزَّوج بقوله – صلَّى الله عليْه وسلَّم – كما جاء في الصَّحيحَين: ((فاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يداك)). كل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبويْن كريمين يطبِّقان شرع الله، ويرْسمان الطَّريق السويَّة لحياة الأبناء، فأوَّل حقٍّ للطِّفل أن يوفِّق الله أبويْه لحسن اختيار أحدِهِما للآخر، فإذا تمَّ الاختِيار توجَّه الأبوان الصَّالِحان بالدُّعاء في خشوع وإنابة إلى وليِّ الصَّالحين: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74] فإذا تكوَّن الطفل في الرحم أعدَّ الله له فائقَ الرِّعاية والعناية، وحرَّم الاعتِداء عليه؛ يقول الله – جلَّ جلالُه -: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾ [الإسراء: 31]، وأجاز لأمِّه أن تفطر في رمضان؛ رحمةً بها وتمكينًا له من أحسن ظروف النُّمو وتمام الخلق، فإذا حلَّ الطِّفْل بأرض الحياة جعله الله بهجةً وزينة في قلوب من حوله؛ يقول الله – تبارَك وتعالى -: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾. الكهف: 46

فانسجام الأبويْن داخل الأسرة وتعاملهما بما أمر الله ورسوله في كل شأن من شؤون الحياة – هو الطَّريق التي يسلكها الطِّفْل خلف أبويْه، وهذا حقُّه على والديه، فمن حقِّه أن يجد المودَّة والرَّحمة قائمتَين في البيت، ومن حقِّه أيضًا أن يجد توجيهَه نحو الخير والصَّلاح، ومن حقِّه كذلك أن يرى حمايتَه من كلِّ شرٍّ وافد، أن يكون في حصن الخلق الرَّفيع؛ لأنَّنا نعيش في زمن كثرت فيه وسائل الإعلام الفاسدة والمفسدة، المخربة للأخلاق بشاشاتِها الواردة من كل حدب وصوب، فماذا نفعل لنحمي أبناءنا من هولها؟

هذه الحقوق وبالإشارة إليها فقط في الإسلام قد تكفل للطفل أن ينشأ في أسرة تُطَبِّق تعاليم الله، فتترسَّخ مبادئ الإسلام في قلبه، فينشأ محبًّا للإسلام مطبِّقًا لتعاليمه السمحة القائمة على الوسطية والاعتدال والاتزان.. والبعيدة كل البعد عن التطرف والتشدد والغلو والإفراط والإرهاب والإفساد.. ويتمثَّل ذلك في التربية الإسلامية؛ فهي الأمل المنشود في تكوين جيل من المصلحين الذين يحملون هذا الدين إلى عامَّة الناس، وبالتربية يخرج العلماء والقادة، وبالتربية الصحيحة تتقدَّم الأمم..

وفي نهاية كلمته كرر معاليه شكره وتقديره لجميع الإخوة العاملين والمنظمين لهذا المؤتمر الدولي والذين اجتهدوا في تنظيمه سواء من جانب أكاديمي أو تنظيمي أو إعلامي أو مالي وغير ذلك، وعلى ما قدموه ووضعوا خطة متكاملة لهذا المؤتمر المهم ومحاوره، كما أشكر الإخوة والأخوات الذين قدموا بحوثهم وأوراق عملهم وأعضاء وعضوات هيئة التدريس الذين يشاركون بالرأي والاقتراح..