معالي رئيس الجامعة يترأس الندوة الوطنية بعنوان: إعادة بناء المجتمع الباكستاني على ضوء وثيقة المدينة المنورة

ترأس معالي الأستاذ الدكتور/ أحمد بن يوسف الدريويش رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد صباح يوم الجمعة 26/5/2017م ـ 29 شعبان 1438هـ في قاعة العلامة إقبال في مبنى الفيصل الندوة الوطنية الكبرى التي تنظمها الجامعة ممثلة بمجمع البحوث الإسلامية بعنوان: (إعادة بناء المجتمع الباكستاني على ضوء وثيقة المدينة المنورة) والتي شارك فيهاا وحضرها كوكبة ونخبة من علماء باكستان وزعماء الطوائف الدينية فيه والتيي تهدف إلى الإسهام في تحقيق الأمن والأمان والاستقرار والوحدة والائتلاف بين أبناء هذا المجتمع وهذه الدولة الطيبة دولة النقاء والطهر جمهورية باكستان الإسلامية على ضوء ما يصدر من العلماء والزعماء من توجيهات، وما يتوصلون إليه ويقررونه من وحدة وائتلاف..

وقد افتتحت الندوة بآيات من الذكر الحكيم، ثم كلمة توجيهية من معالي رئيس الجامعة استهلها بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله النبي الأمي الأمين وآله وصحابته الطيبين الطاهرين..

مرحباً معاليه بالمشاركين والحاضرين في هذه الندوة المباركة من العلماء والزعماء ورجال الفكر والثقافة.. مقدماً شكره وتقديره للحاضرين والمنظمين والقائمين على هذه الندوة وخاصة منسوبي مجمع البحوث الإسلامية بالجامعة وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور ضياء الحق..

كما تحدث معاليه في هذه الندوة عن جمهورية باكستان الإسلامية وأهميتها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وذلك في العالمين الإسلامي والعربي باعتبارها دولة مهمة تتمتع بعدد من المميزات الاستراتيجية التي تدفع العالم بعامة، والعالم الإسلامي بخاصة إلى التقارب معها.. وكان انفصالها عن الهند على أساس ديني؛ وذلك حتى يكون للمسلمين في شبه القارة الهندية كيان مستقل ودولة خاصة تحميهم من تعصب الهندوس الأعمى، وعدائهم للمسلمين في شبه القارة الهندية آنذاك.. ومن أجل أن يكون للمسلمين دولة مستقلة تسود فيها أحكام الشريعة الإسلامية، وينهضوا ببلادهم على ضوء تعاليم الإسلام وأحكامه السمحة المعتدلة القائمة على الوسطية والاعتدال والاتزان والبعيدة كل البعد عن الغلو والتطرف والإرهاب والإفساد.. ويكون لهم عزة ومنعة وقوة، ويعزز من انتمائهم لأمتهم وعالمهم الإسلامي في شتى أنحاء المعمورة، ويتضامنوا مع إخوانهم المسلمين في كافة قضاياهم المصيرية..

مضيفاً معاليه: بأن دولة مثل جمهورية باكستان الإسلامية هذه سماتها وخصائصها وأهدافها وغاياتها فلا غرو أن تبني مجتمعها على ضوء أحكام الإسلام الخالدة..

ومجتمع المدينة المنورة هو المثال الحي للمسلمين في كل زمان ومكان؛ ليتخذوه نبراسًا يهديهم حين تعصف بهم الأهواء وتتنازعهم السياسات.. حيث وضع الرسول صلى الله عليه وسلم خلال هذه المرحلة الجديدة المعالم الأساسية للمجتمع الإسلامي في كل أبعادها؛ الفردية والجماعية، العامَّة والخاصة… ونظم العلاقات بين سكَّان المدينة، وكتب في ذلك كتابًا أوردته المصادر التاريخيَّة، واستهدف هذا الكتاب أو الصحيفة توضيح التزامات جميع الأطراف داخل المدينة، وتحديد الحقوق والواجبات، وقد سمِّيت في المصادر القديمة بالكتاب والصحيفة، وأطلَقَت الأبحاث الحديثة عليها لفظ (الدستور).

مبيناً معاليه بأن: هذا الدين الذي بعث الله عزوجل به سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام دين خاتم مهيمن على جميع الأديان قبله، وهو رسالة الله الخاتمة إلى جميع الثقلين إلى قيام الساعة، واقتضى ذلك أن يكون في هذه الرسالة من الخصائص والسمات ما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان إلى جميع أمم الأرض، وأعظم هذه الخصائص وأجلها السماحة واليسر في كل شأن من شئون الحياة في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب مع المسلمين وغير المسلمين..

وهذه أحد صور عظمة الإسلام في واقعيته وعالميته، فقد قضى الله سبحانه وتعالى وقدر أن لا يؤمن أهل الأرض كلهم وله الحكمة التامة في ذلك والحجة البالغة..

ولا يتصور مع بقاء الكفر على الأرض، ومع وجوب تبليغ الدعوة إلى الناس كلهم لا يتصور مع ذلك أن ينعزل المجتمع المسلم عن غيره من المجتمعات، ولذلك فإن التشريع الإسلامي نظم علاقة المسلم مع غيره من بني جنسه أفرادا ومجتمعات ووضع الضوابط الكاملة في ذلك داخل المجتمع الإسلامي وخارجه..

موضحاً معاليه في كلمته خصائص المجتمع الباكستاني على ضوء وثيقة المدينة المنورة حيث قال: وللمجتمع الباكستاني كمجتمع إسلامي خصائص يتميزون بها عن غيره من المجتمعات حيث يستمدون منهجهم من أحكام الإسلام السمحة المعتدلة التي تأمر بالصلاح وتنهى عن المنكر والإفساد.. ومن خصائص المجتمع الباكستاني على ضوء وثيقة المدينة المنورة ما يأتي:

  1. مجتمع موحِّد إن أعظم خُصُوصية للمجتمع الباكستاني هي التوحيد، فذلك المجتمع يعتقد أن الخالق والرازق والمدبر هو الله، فهو المستحق للعبادة والخضوع والذل والخشوع بين يديه {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} سورة الأنعام: 102، كما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة إلى المدينة بين المهاجرين والأنصار فتحقيق التوحيد أهم خصائص المجتمع الباكستاني..
  2. مجتمع موحَّد(بفتح الحاء المهملة): ونعني بهذا أن المجتمع الباكستاني تربطه رابطةٌ واحدةٌ هي رابطةُ الإسلام الحقِّ الذي نزل على محمد-صلى الله عليه وسلم-، وعلى هذا الأساس يكون الترابطُ في المجتمع، وقد حذَّر الله من التفرق والتمزق داخل هذا الكيان الواحد فقال-تعالى-:{.. وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} سورة الروم:31-32، وأمر الجماعة المسلمة في المجتمع المسلم أن يعتصموا بحبل الله الذي هو القرآن والسنة وما فيهما من الأحكام والأوامر، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }سورة آل عمران:103، وفي هذه الآية يمتنُّ الله على المجتمع الإسلامي الواحد بأنه ألَّف بين قلوبهم، وله يرجع الفضل في ذلك،وقال في آية أخرى:{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}سورة الأنفال:63. والآيات والأحاديث التي تأمر بالوحدة وتنهى عن التفرق كثيرة جداً، ومن مظاهر الوحدة في المجتمع المسلم:

وحدة الشعائر التعبدية من صلاة وصيام وزكاة وحج، وتوجه إلى قبلة واحدة.. إلخ، ووحدة الهدف وهو بلوغ رضوان الله -تعالى-،ووحدة في المعاملات التي أمر الله بالقيام بها،ووحدة في الأوطان، فكل بلد ذُكر فيه الله ورُفعت فيه راية لا إله إلا الله فهو بلد المسلم أياً كان..

  1. مجتمع مُتعاون مُتراحم: المجتمع الباكستاني مجتمع متراحم متعاون فيما بينهم وتكفل المسكين واليتيم، وتقوم على أعمال البر والخير المختلفة، والمجتمع إذ يقوم على ذلك الأساس فإنما يعمل بتوجيه الله له،كما في قوله -سبحانه-:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} سورة المائدة:2..

وفي نهاية كلمته كرر معاليه شكره وتقديره لكل من حضر وشارك ونظم ورتب هذه الندوة المهمة الوطنية التي تأتي ضمن المؤتمرات والندوات التي تعقدها الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد لتوعية وتثقيف المجتمع الباكستاني الأبي المسلم الملتزم بأحكام الإسلام الصحيح المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة..