رئيس الجامعة يرعى الحفل الختامي للدورة حول: “الإسلام والقانون الإنساني الدولي”

رعى فضيلة رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش الحفل الختامي للدورة الدراسية التي استمرت لأربعة أيام وذلك بعنوان: “الإسلام والقانون الإنساني الدولي” والتي نظمتها الجامعة ممثلة بأكاديمية الشريعة بالتعاون مع لجنة الهلال الأحمر الدولية، وعقد الحفل الختامي لها يوم الجمعة الموافق 11/10/2019م في فندق ماركلة في إسلام آباد.

في بداية الحفل رحب الدكتور محمد مشتاق المدير العام لأكاديمية الشريعة بجميع المشاركين وشكر فضيلة رئيس الجامعة على تشريفه ورئاسته للحفل، وعرض نبذة موجزة عن الدورة وأهدافها، وأفاد أن محتويات الدورة شملت حماية الممتلكات الثقافية، ومسؤولية القيادة، ووجهات نظر الإسلام والقانون الدولي الإنساني، والأفعال المحظورة في الحرب من منظور القانون الدولي الإنساني ومن منظور الشريعة الإسلامية، وآلية تنفيذ القانون الدولي الإنساني وغير ذلك من الموضوعات المتعلقة، وحضرها الباحثون من بنغلاديش وأفغانستان وجميع مقاطعات باكستان يمثلون مختلف الجامعات.

ثم تحدث فضيلة رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش ورحب بالمشاركين في الدورة وشكرهم على تشريفهم في الجامعة وشكر فضيلة الدكتور محمد مشتاق على عقد هذه الدورة المهمة وقدم للمشاركين نبذة موجزة عن رسالة الإسلام التي تؤكد على حماية حقوق الناس وحياتهم وأعراضهم وأموالهم، حيث قال فضيلته: “لم تعرف البشرية على مدار مراحل تاريخها منذ هبط آدم عليه السلام إلى الأرض وإلى يومنا هذا ديناً مثل الإسلام، كرّمها ورفع قدرها وأعلى شأنها، ووضح ذلك في القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾. (سورة التغابن: آية 3). وكان هذا أعظم تكريم للإنسان، صوره الله في أجمل هيئة وأحسن صورة، ومن هنا استقى المصلحون القيم النبيلة، وما ارتضاه الناس من القواعد الاجتماعية العالية التي تحفظ للفرد كرامته، ثم وضعوا من القوانين الوضعية ما يصون خصوصية الإنسان الذي خلقه الله واستخلفه في الأرض ومنحه الحرية التي بها يصون كرامته، وله من إرادته ما يجعله يفعل ما يريد دون ضغط أو إكراه، ومن أجل ذلك بعث الله الأنبياء هداة مرشدين، وعلى لسان كل رسول جاء تكريم الإنسان.

كما بين فضيلته عدة خصائص تجعل حقوق الإنسان في الإسلام مميزة عن غيرها، وذكر منها:

أولاً: من حيث الأسبقية والإلزامية: لقد كان للشريعة الإسلامية الغراء فضل السبق على كافة المواثيق والإعلانات والاتفاقيات الدولية في تناولها لحقوق الإنسان وتأصيلها لتلك الحقوق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، وأن ما جاء به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية اللاحقة ومن قبلها ميثاق الأمم المتحدة ما هو إلا ترديد لبعض ما تضمنه الشريعة الإسلامية الغراء.

ثانياً: من حيث العمق والشمول: حقوق الإنسان في الإسلام أعمق وأشمل من حقوق الإنسان في الوثائق الوضعية، فحقوق الإنسان في الإسلام مصدرها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما مصدر حقوق الإنسان في القوانين والمواثيق الدولية فهو الفكر البشري، والبشر يخطئون أكثر مما يصيبون، ويتأثرون بطبيعتهم البشرية بما فيها من ضعف وقصور وعجز عن إدراك الأمور والإحاطة بالأشياء، وقد أحاط الله بكل شيء علماً.

ثالثاً: من حيث الحماية والضمانات: إن حقوق الإنسان في الإسلام لها حماية خاصة على عكس حقوق الإنسان في غيرها حيث لم توضع لها الضمانات اللازمة لحمايتها من الانتهاك.

مضيفاً فضيلته أن مبادئ الإسلام واضحة أشد الوضوح فيما يتعلق بالحرب، فقد أنشا لها الإسلام من الآداب والتقاليد ما لم يسبق للبشرية أن عرفت مثله قبل الإسلام ولا تقيدت بنظائره أمة في جميع العصور والأزمان، فقد أوجب الإسلام على القادة والجنود المتحاربين الإلتزام بما يتفق مع الشهامة والنبل والامتناع عن كل ما يشين كرامة الإسلام، حيث أوجب الإسلام على المتحاربين عموماً أن لا يبدؤوا حرباً بالغدر وأن يجتنبوا الفتك بالأعداء غيلة، وأن لا يقتلوا امرأة ولا صبياً ولا شيخاً عاجزاً ولا مُقعداً ولا رجلاً منقطعاً للعبادة، وحتى أن الإسلام حفظ للمدنيين اثناء الحرب حرمتهم فإذا دارت الحرب فيراعى حرمة المدنيين والأطفال والشيوخ، لهذا فالإسلام أعطى حقوقاً كثيرةً لحماية المدنيين أثناء الحرب إذا وقعت، سواء أكانوا مدنيين من المسلمين أو من الأعداء، فلم يُجز الإسلام إلا احترامهم ومعاملتهم معاملةً حسنةً وطيبةً وحمايتهم من أهوال الحرب، وذلك ضمن آداب الحرب في الإسلام التي هذّبها الإسلام، والتي تُظهره أنه دين الرحمة والتسامح والإحسان، لأنه دين سماوي الهدف إنساني الغاية، وتتجلى في هذا الدين الدوافع الإنسانية الرحيمة التي تحكم المسلم في قتاله إذا استنفر له، واضطر إليه. ذلك أن الإسلام قصر القتال على الجيش المحارب دون النساء والأطفال والشيوخ والرهبان، فقد ورد ذلك في احاديث نبوية شريفة كثيرة منها ما رُوي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلا ولا صغيراً ولا امرأةً، ولا تغُلّوا وضُمّوا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين”.

مؤكدا فضيلته في ختام كلمية على أن الإسلام لا علاقة له بالعنف والتطرف والكراهية، بل هو دين الحب والاحترام والوئام.

وفي ختام كلمته كرر فضيلته الشكر والتقدير للقائمين على هذه الدورة والمشاركين فيها.